إنما هو أن يزري عليه أو يعيبه » (١) ومنها غير ذلك من الروايات.

والجواب عن ذلك ، أنه لا مناص من حمل تلك الروايات على تفسير كلامه بذلك في خصوص المورد أو الموردين أو أكثر ، فكأنه عليه‌السلام أراد منها معنى عاما ينطبق على الغيبة وإذاعة السر في تلك الموارد تنزيلاً لهما منزلة كشف العورة ، ولا يمكن حملها على أن المراد بتلك الجملة هو الغيبة في جميع الموارد ، وأينما وقعت ، كيف وقد وردت في مورد لا يمكن فيه حملها على ذلك المعنى بوجه. وهذا كما في رواية حنان بن سدير عن أبيه قال : « دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماماً بالمدينة فإذا رجل في البيت المسلخ فقال لنا : مَن القوم؟ فقلنا من أهل العراق ، فقال : وأي العراق؟ قلنا : كوفيون ، فقال : مرحباً بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار ، ثم قال : ما يمنعكم من الأُزر فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عورة المؤمن على المؤمن حرام ، قال : فبعث إلى أبي كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منّا واحداً ثم دخلنا فيها ... فسألنا عن الرجل فاذا هو علي بن الحسين عليه‌السلام ومعه ابنه محمّد بن علي عليهما‌السلام » (٢). وذلك لأن إرادة الغيبة من قوله عليه‌السلام « فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : عورة المؤمن ... » أمر غير ممكن بقرينة الحمام واتزارهم بالكرباس.

فالمتحصل إلى هنا أن وجوب ستر العورة مما لا إشكال فيه ، وكذا الحال في حرمة النظر إليها على ما دلت عليه الأدلّة المتقدِّمة.

وما عن بعض متأخري المتأخرين من أنه لو لم يكن مخافة خلاف الإجماع لأمكن القول بكراهة النظر ، دون التحريم كما نقله المحقق الهمداني قدس‌سره (٣) فلعلّه مستند إلى مصححة ابن أبي يعفور قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيتجرّد الرجل عند صبّ الماء ترى عورته؟ أو يصب عليه الماء؟ أو يرى هو عورة الناس؟

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٧ / أبواب آداب الحمام ب ٨ ح ٣.

(٢) الوسائل ٢ : ٣٩ / أبواب آداب الحمام ب ٩ ح ٤.

(٣) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٨١ السطر ٢٠.

۵۰۹