حال الارتداد إلى ورثته ، ولا تسقط هذه الأحكام بالتوبة ، لكن يملك ما اكتسبه‌


بدنه فكيف يكلف بالصلاة وغيرها من الأُمور المشروطة بالطهارة ، وهل هذا إلاّ التكليف بما لا يطاق.

ودعوى : أن عجزه عن الامتثال إنما نشأ من سوء الاختيار وقد تقرر في محلِّه أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فلا مانع من تكليف المرتد بالصلاة وغيرها مما يشترط فيه الطهارة.

تندفع : بأن قبح التكليف بما لا يطاق لا يختص على مسلكنا بما إذا لم يستند إلى سوء الاختيار.

وأما ما ربما يقال من أن التكاليف في حقه تسجيلية ولا غرض منها سوى التوصل إلى عقابه ، فهو أيضاً كسابقه مما لا يمكن المساعدة عليه ، لأن الأُمور الخارجة عن الاختيار غير قابلة للبعث نحوها أو الزجر عنها ، فبناء على ما ذكرناه من أن الضرورة تقتضي تكليف المرتد بمثل الصلاة والصيام ونحوهما بعد توبته لا بدّ من الالتزام بأحد أمرين على سبيل منع الخلو :

فامّا أن نلتزم بالتقييد في الأدلّة الدالّة على اعتبار الإسلام والطهارة في مثل الصلاة والتوارث وتزويج المرأة المسلمة بأن لا نعتبرهما في حقه ، فتصح صلاته من دون طهارة وإسلام ويجوز له تزويج المسلمة ويرث من المسلم من دون أن يكون مسلماً.

أو نلتزم بالتخصيص فيما دلّ على أن الفطري لا تقبل توبته ، بأن نحمله على عدم قبولها بالإضافة إلى الأحكام الثلاثة المتقدِّمة لا في مثل طهارة بدنه وإرثه وجواز تزويجه المسلمة وغيرها من الأحكام ، لقبول توبته بالإضافة إليها. ومقتضى الفهم العرفي الالتزام بالأخير ، بل لا ينبغي التردد في أنه المتعيّن الصحيح ، لأنه أهون من الأوّل بالارتكاز وإن كانت الصناعة العلمية قد تقتضي العكس.

فتلخص أن المرتد عن فطرة تقبل توبته وإسلامه ظاهراً وواقعاً. نعم دلّت الأخبار المعتبرة على أنه يقتل ويقسّم أمواله وتبين زوجته وتعتد عدّة المتوفّى عنها زوجها (١).

__________________

(١) الوسائل ٢٨ : ٣٢٣ / أبواب حدّ المرتد ب ١.

۵۰۹