من الروايات منصرفة عن المادة المعروفة بالألكل وأن المطلقات إنما تشمل المسكرات المتعارفة التي هي قابلة للشرب دون ما لم يتعارف شربه.

وثانيهما : أن الموثقة معارضة فإن الأخبار الواردة في الخمر والمسكر على طوائف أربع : الأُولى والثانية : ما دلّ على نجاسة الخمر وما دلّ على طهارتها. الثالثة : ما ورد في طهارة المسكر مطلقاً وهو موثقة ابن بكير قال : « سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب ، قال : لا بأس » (١). الرابعة : ما ورد في نجاسة مطلق المسكر كما في موثقة عمّار والصحيحة المتقدِّمة ، وقد أسلفنا أن ما دلّ منها على نجاسة الخمر متقدمة على معارضتها للصحيحة المتقدِّمة ، وأمّا ما دلّ على نجاسة مطلق المسكر وطهارته فهما متعارضان ولا مرجّح لأحدهما على الآخر ، لأن فتوى العامّة وعملهم في مثل المسكر غير المتعارف شربه غير ظاهرين فالترجيح بمخالفة العامّة غير ممكن ولا مناص معه من الحكم بتساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة ، وهي تقتضي الحكم بطهارة كل مسكر لا يطلق عليه الخمر عرفاً.

الثالث : ما ذكره صاحب الحدائق قدس‌سره (٢) من أن الخمر ليست اسماً لخصوص مائع خاص بل يعمه وجميع المسكرات لأنها حقيقة شرعية في الأعم ، فإن الخمر ما يخامر العقل كان هو المائع المخصوص أو غيره مما يوجب الإسكار ، وقد ورد في تفسير الآية المباركة ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ... (٣) أنّ كل مسكر خمر (٤). ويتوجّه عليه أن الوجه في تسمية الخمر خمراً وإن كان هو ما نقله عن بعض أهل اللّغة من أنه يخامر العقل ويخالطه (٥) إلاّ أنه لم يدلّنا دليل على أن كل ما يخامر العقل خمر أو نجس‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٧١ / أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ١١.

(٢) الحدائق ٥ : ١١٢.

(٣) المائدة ٥ : ٩٠.

(٤) علي بن إبراهيم في تفسيره [ تفسير القمي ١ : ١٨٠ ] عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ الآية. « أما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا أخمر فهو خمر ... » المروية في الوسائل ٢٥ : ٢٨٠ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ٥.

(٥) الحدائق ٥ : ١١٥.

۴۶۳