إلاّ إذا أسلم بعد البلوغ أو قبله مع فرض كونه عاقلاً مميزاً ، وكان إسلامه عن بصيرة (*) على الأقوى (١)


هذا ، ولا يخفى أن هذه الأخبار مخالفة للقواعد المسلمة عند العدلية ، حيث إنّ مجرّد علمه تعالى بايمان أحد أو كفره لو كان يكفي في صحة عقابه أو في ترتب الثواب عليه لم تكن حاجة إلى خلقه بوجه ، بل كان يدخله في النار أو في الجنان من غير أن يخلقه أوّلاً ثم يميته لعلمه تعالى بما كان يعمله على تقدير حياته إلاّ أنه سبحانه خلق الخلق ليتم عليهم الحجة ويتميز المطيع من العاصي ولئلاّ يكون للناس على الله حجة ، ومعه كيف يمكن تعذيب ولد الكافر ما دام لم يعص الله خارجاً. فهذه الأخبار غير قابلة للاستدلال بها في المقام ولا مناص من تأويلها.

هذا على أنها على تقدير تمامية دلالتها وصحتها بحسب السند كما في صحيحة عبد الله بن سنان إنما تدل على أن الله سبحانه يعامل معهم معاملة الكفر في النشأة الآخرة ، وأين هذا مما نحن فيه من الحكم بنجاستهم وكفرهم في هذه النشأة ، ولم تثبت أية ملازمة بينهما ، وعليه فلا دليل على نجاسة ولد الكافر سوى الإجماع والتسالم القطعيين المنقولين عن أصحابنا ، فكما أن أصل نجاسة أهل الكتاب إنما ثبت بإجماعهم فكذلك نجاسة أولادهم ، إلاّ أن هذا الإجماع إن تم وحصل لنا منه القطع أو الاطمئنان على أنهم كانوا في زمان الأئمة يعاملون مع ولد الكافر معاملة الكفر والنجاسة فهو وإلاّ فللتوقف والمناقشة في نجاسة ولد الكافر مجال واسع. هذا كله فيما إذا كان ولد الكافر ولداً شرعياً لأبويه ولو في مذهبهما.

(١) إذا أقر ولد الكافر بالإسلام وأجرى الشهادتين على لسانه فلا محالة يحكم بطهارته وإسلامه لإطلاق ما دلّ على تحقق الإسلام بالإقرار بالشهادتين ، كما يحكم بتهوّده أو تنصّره إذا اعترف بهما على نفسه من غير فرق في ذلك بين البالغ وغير البالغ ، وعدم كونه مكلّفاً شرعاً لا يقتضي عدم إسلامه بعد اعترافه به واعتقاده‌

__________________

(*) بل مطلقاً.

۴۶۳