الكبيرة مطلقاً فلا دوران بين الأمرين المتقدِّمين.

فالصحيح في الجواب عنها أن يقال : إنّ الكفر المترتب على ارتكاب الكبيرة بزعم حليتها ليس هو الكفر المقابل للإسلام الذي هو المقصود بالبحث في المقام ، وذلك لأنّ للكفر مراتب عديدة.

منها : ما يقابل الإسلام ويحكم عليه بنجاسته وهدر دمه وماله وعرضه وعدم جواز مناكحته وتوريثه من المسلم ، وقد دلت الروايات الكثيرة على أن العبرة في معاملة الإسلام بالشهادتين اللتين عليهما أكثر الناس كما تأتي في محلِّها.

ومنها : ما يقابل الايمان ويحكم بطهارته واحترام دمه وماله وعرضه كما يجوز مناكحته وتوريثه إلاّ أن الله سبحانه يعامل معه معاملة الكفر في الآخرة ، وقد كنّا سمّينا هذه الطائفة في بعض أبحاثنا بمسلم الدنيا وكافر الآخرة.

ومنها : ما يقابل المطيع لأنه كثيراً ما يطلق الكفر على العصيان ويقال : إن العاصي كافر ، وقد ورد في تفسير قوله عزّ من قائل ﴿ إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً (١) ما مضمونه أنّ الشاكر هو المطيع والكفور العاصي (٢) وورد في بعض الروايات أن المؤمن لا يزني ولا يكذب ، فقيل إنّه كيف هذا مع أنّا نرى أنّ المؤمن يزني ويكذب فأجابوا عليهم‌السلام بأنّ الايمان يخرج عن قلوبهم حال عصيانهم ويعود إليهم بعده فلا يصدر منهم الكذب مثلاً حال كونهم مؤمنين (٣) وعلى الجملة أن ارتكاب المعصية ليس بأقوى من إنكار الولاية لأنّها من أهم ما بني عليه الإسلام كما في الخبر (٤) وقد عقد لبطلان العبادة بدونها باباً في الوسائل ، فإذا لم يوجب إنكارها‌

__________________

(١) الإنسان ٧٦ : ٣.

(٢) روى زرارة عن حمران بن أعين قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً ؟ قال : إمّا آخذ فهو شاكر وإمّا تارك فهو كافر » ونظيرها غيرها من الأخبار المروية في الوسائل ١ : ٣١ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢ ح ٥.

(٣) كما ورد في عدّة من الأخبار المروية في الكافي ٢ : ٢٨٠ / ١١ ، ٢٨٢ / ١٦ ، ٢٨٥ / ٢١ ، ٢٢.

(٤) ورد في جملة من الروايات المروية في الوسائل ١ : ١٣ / أبواب مقدمة العبادات ب ١.

۴۶۳