النجاسة العرضية كما لعله ظاهر.

ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان قال : « سأل أبي أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر : إنِّي أُعير الذمي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ثم يرده عليَّ ، فأغسله قبل أن أُصلي فيه؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجّسه ، فلا بأس أن تصلِّي فيه حتى تستيقن أنه نجّسه » (١) ولو لا ارتكاز طهارة الذمي في ذهن السائل لم يزد على سؤاله : وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، بل ناسب أن يقول : ولعلّه عرق بدنه أو لاقته يده وهي رطبة.

ومنها : ما عن الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه كتب إلى صاحب الزمان ( عجل الله فرجه الشريف ) « عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة وينسجون لنا ثياباً ، فهل تجوز الصلاة فيها من قبل أن تغسل؟ فكتب إليه في الجواب : لا بأس بالصلاة فيها » (٢).

ومنها : ما عن أبي جميلة عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أنه سأله عن ثوب المجوسي ألبسه وأُصلي فيه؟ قال : نعم ، قلت : يشربون الخمر؟ قال : نعم ، نحن نشتري الثياب السابرية فنلبسها ولا نغسلها » (٣). وتقريب الاستدلال بها قد ظهر مما قدمناه في الأخبار المتقدمة. وبذلك ظهر أن طهارة أهل الكتاب كانت ارتكازية عند الرواة إلى آخر عصر الأئمة عليهم‌السلام وإنما كانوا يسألونهم عما يعمله أهل الكتاب أو يساوره من أجل كونهم مظنة النجاسة العرضية ، ومن هنا يشكل الإفتاء على طبق أخبار النجاسة إلاّ أن الحكم على طبق روايات الطهارة أشكل ، لأن معظم الأصحاب من المتقدِّمين والمتأخِّرين على نجاسة أهل الكتاب ، فالاحتياط اللزومي مما لا مناص عنه في المقام.

ثم إنّه إذا بنينا على نجاسة أهل الكتاب بمقتضى الأخبار المتقدمة وتسالم الأصحاب‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٥٢١ / أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ١.

(٢) ، (٣) الوسائل ٣ : ٥٢٠ / أبواب النجاسات ب ٧٣ ح ٧.

۴۶۳