فيها إنما هي البرء لا انقطاع السيلان ، كما أن إطلاقها يقتضي عدم الفرق بين كون الإزالة ذات مشقة وعدم كونها كذلك.

ومنها : صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن الرجل يخرج به القروح فلا تزال تدمي كيف يصلِّي؟ فقال : يصلي وإن كانت الدماء تسيل » (١) فقد دلّت على أنّ دم القروح إذا سال لا يمنع عن الصلاة فكيف بما إذا لم يسل ، ومعناه أنّ السيلان وعدمه على حد سواء ، كما أنها مطلقة من ناحية كون الإزالة حرجية وما إذا لم تكن.

ومنها : الصحيح عن ليث المرادي قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل تكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوة دماً وقيحاً ، وثيابه بمنزلة جلده؟ فقال : يصلي في ثيابه ولا شي‌ء عليه ولا يغسلها » (٢) وإطلاقها من جهتي السيلان وعدمه ولزوم المشقّة وعدم لزومها مما لا يكاد يخفى.

ومنها : موثقة (٣) عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة ، قال : يمسحه ويمسح يده بالحائط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة » (٤) وهي كسابقتها ظاهرة الإطلاق من الجهتين المذكورتين ، بل الظاهر المستفاد منها أن الحكم بالعفو أمده البرء ، إذ ما لم يبرأ يصدق أنه رجل به الدمل أو غيره من القروح والجروح ، فيكون العفو ملغى بانقطاع الدم وعدم سيلانه المستند إلى البرء ، لا مجرد عدم السيلان مع بقاء الجرح بحاله.

وأما الأخبار المستدل بها على اعتبار المشقة والسيلان فمنها : مرسلة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى يبرأ وينقطع الدم » (٥) حيث جعلت الغاية للعفو وعدم‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٣٤ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٤.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٣٤ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٥.

(٣) كذا عبّروا عنها في كلماتهم مع أن في سندها علي بن خالد فراجع.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٣٥ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٨.

(٥) الوسائل ٣ : ٤٣٥ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٧.

۴۶۳