الثالثة : أن يشك في ارتفاع اضطراره إلى آخر الوقت وعدمه إلاّ أنه شرع في صلاته باستصحاب بقاء اضطراره إلى آخر الوقت.

أمّا الصورة الاولى فلا شبهة فيها في وجوب الإعادة لأن الأمر إنما تعلق بالطبيعة الواقعة بين المبدأ والمنتهى ، والمكلف لم يضطر إلى إيقاع تلك الطبيعة في الثوب أو البدن المتنجسين ، وإنما اضطر إلى إتيان فرد من أفرادها مع النجس فلم يتعلق الاضطرار بترك المأمور به ، ومعه لا موجب لتوهم إجزاء ما أتى به عن الوظيفة الواقعية بوجه بل لا مسوّغ معه للبدار لاعتقاده التمكن من المأمور به إلى آخر الوقت. وهذه الصورة خارجة عن محط كلام الماتن قدس‌سره.

وأمّا الصورة الثانية والثالثة فهما محل البحث في المقام وقد وقع الكلام فيهما في أنه إذا دخل في الصلاة باعتقاد عدم ارتفاع اضطراره إلى آخر الوقت أو باستصحاب بقائه ثم انكشف تمكنه من الصلاة المأمور بها في وقتها فهل تجب عليه الإعادة أو لا تجب؟ قد يكون الاضطرار إلى الصلاة مع النجاسة مستنداً إلى التقية ، ولا ينبغي الإشكال حينئذ في عدم وجوب الإعادة بعد التمكّن من التطهير ، لأن المأتي به تقية كالمأمور به الواقعي على ما يأتي في محلِّه (١). وقد يستند الاضطرار إلى أمر آخر كعدم وجدانه الماء مثلاً ، والصحيح حينئذ أيضاً عدم وجوب الإعادة لحديث لا تعاد ، لما مرّ من أن مقتضاه عدم وجوب الإعادة على من صلّى في النجس للاضطرار معتقداً عدم تمكنه من المأمور به إلى آخر الوقت حيث إنه من مصاديق الجاهل بالاشتراط ، والمراد بالطهور في الحديث هو الطهارة من الحدث ، فلا عموم فيها يشمل الطهارة من الخبث ولا أنها مجملة للقرينة المتقدِّمة فراجع.

نعم ، القاعدة تقتضي وجوب الإعادة في المسألة حيث إنها تقتضي عدم كفاية الإتيان بالمأمور به الظاهري فضلاً عن المأمور به التخيلي عن المأمور به الواقعي ، وإلى ذلك نظرنا في الطبعة الاولى من تعليقاتنا حيث استظهرنا وجوب الإعادة في المسألة ولكن مقتضى حديث لا تعاد عدم الإعادة كما مرّ.

__________________

(١) ذيل المسألة [٥٢٧].

۴۶۳