وإن كانت نجاسة أحدهما أكثر (١)


(١) النهي عن الطبيعة يتصور على وجهين : فإن المفسدة قد تكون قائمة بصرف الوجود كما أن المصلحة قد تكون كذلك بحيث لو وجد فرد من الطبيعة عصياناً أو اضطراراً ونحوهما تحققت المفسدة في الخارج وفات الغرض الداعي إلى النهي ويعبّر عنه بإرادة خلو صفحة الوجود عن المنهي عنه وفي مثله إذا وجد فرد من أفراد الطبيعة سقط عنها النهي ، ولا يكون في الفرد الثاني والثالث وغيرهما أيّ مفسدة ولا يكون مورداً للنهي ، كما إذا نهى السيد عبيده عن أن يدخل عليه أحد لغرض له في ذلك لا يتحصل إلاّ بخلو داره عن الغير فإنه إذا ورد عليه أحد عصياناً أو غفلة ونحوهما فات غرضه وحصلت المفسدة في الدخول ، فلا مانع من أن يدخل عليه شخص آخر بعد ذلك إذ لا نهي ولا مفسدة.

وقد تكون المفسدة قائمة بمطلق الوجود فيكون النهي حينئذ انحلالياً لا محالة ، وهو وإن كان في مقام الجعل والإنشاء نهياً واحداً إلاّ أنه في الحقيقة ينحل إلى نواهي متعددة لقيام المفسدة بكل واحد واحد من الوجودات والأفراد ، فاذا وجد فرد من الطبيعة لعصيان أو اضطرار فلا يترتب عليه إلاّ سقوط نهيه وتحقق المفسدة القائمة بوجوده ، ولا يحصل به الترخيص في بقية الأفراد لأنها باقية على مبغوضيتها واشتمالها على المفسدة الداعية إلى النهي عن إيجادها ، لأنّ المفسدة القائمة بكل فرد من أفراد الطبيعة تغاير المفسدة القائمة بالفرد الآخر ، وهذا كما في الكذب فإن المفسدة فيه قائمة بمطلق الوجود فاذا ارتكبه في مورد لا يرتفع به النهي عن بقية أفراد الكذب وهذا ظاهر.

وهذا القسم الأخير هو الذي يستفاد من النهي بحسب المتفاهم العرفي فحمله على القسم الأول يحتاج إلى قرينة تقتضيه. فاذا كان هذا حال النواهي النفسية الاستقلالية فلتكن النواهي الضمنية الإرشادية أيضاً كذلك ، فقد يتعلّق النهي فيها بالطبيعة على نحو صرف الوجود ، وإذا وجد فرد من أفرادها سقطت المانعية والحرمة عن الجميع فلا مانع من إيجاد غيره من الأفراد ، وقد يتعلق بالطبيعة على نحو مطلق الوجود‌

۴۶۳