والعلم بنجاسة أحدهما غير المعيّن غير مانع عن الحكم بصحة الصلاة الواقعة في الثوب الطاهر منهما ، لعدم الإخلال حينئذ بشي‌ء مما اعتبر في صحة الصلاة شرعاً أو عقلاً ، حيث إن العبادة كما مرّ غير مرّة لا يعتبر في صحتها إلاّ أن يؤتى بها مضافة إلى الله سبحانه نحو إضافة ، ولا كلام في أن المكلف إذا صلّى في أحدهما برجاء أنها المأمور بها في حقه ثم صلّى في الآخر كذلك قطع بأنه أتى بصلاة مضافة إلى الله جلّ شأنه ، فإن ما أتى به من الصلاتين أما طاعة أو انقياد ، ولا يعتبر في صحتها القطع بطهارة ثوبه أو بدنه على سبيل الجزم واليقين حين اشتغاله بها ، بل الطهارة الواقعية والإتيان بها برجاء كونها واقعة في الثوب الطاهر تكفي في صحتها.

فتحصّل أنّ الاحتياط بتكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين غير مخل بقصد التقرب المعتبر في العبادات زائداً على ذواتها. وأما قصد الوجه فلا إخلال به أيضاً بناء على اعتباره وذلك لأن المصلي متمكن من أن يأتي بالمأمور به المردد بينهما بقصد الوجه وصفاً أو غاية ، بأن يأتي بالصلاة المأمور بها بوصف كونها واجبة في حقه أو لوجوبها. نعم ، التكرار إنما يخل بالتمييز إلاّ أنه مما لم يقم على وجوبه دليل عقلي ولا سمعي ، بل الدليل قائم على عدم وجوبه لأنه مما يبتلي به الناس مرات متعددة في كل يوم ، فلو كان مثله واجباً لوجب عليهم عليهم‌السلام البيان ، ولو كانوا بيّنوا وجوبه لوصل إلينا متواتراً أو شبهه ، فعدم الدليل في مثله دليل على عدم الوجوب هذا.

ثم لو سلمنا وجوبه فلا إشكال في أنه ليس في عرض سائر الأجزاء والشرائط وإنما اعتباره في طولها ، حيث يجب الإتيان بالأجزاء والشرائط متميزة عن غيرها فاذا دار الأمر في مثله بين إلغائه وبين الإخلال بسائر الأجزاء والشرائط تعين إلغاؤه فإنه إنما يجب إذا تمكن المكلف من إتيان العمل بأجزائه وشرائطه فعند ذلك يجب أن يؤتى بها متميزة ، دون ما إذا لم يتمكن من إتيان العمل كذلك فإنه لا معنى حينئذ للقول بوجوب الإتيان به متميزاً فلا محالة يسقط اعتباره ، فلا يدور الأمر في شي‌ء من الموارد بين ترك جزء أو شرط وبين الإتيان بالعمل متميزاً والأمر في المقام أيضاً كذلك ، فلا يجب الإتيان بالصلاة عارياً لأجل التحفظ على اعتبار التمييز في أجزاء‌

۴۶۳