مشوّشة المتن جدّاً ، وذلك لأنها علّقت وجوب الإعادة على ما إذا لم يكن علم ، ومقتضى مفهومها عدم وجوب الإعادة فيما إذا علم ، ولا يمكن إسناد الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل وعدم وجوبها على العالم بالنجاسة إلى الإمام عليه‌السلام حيث إن العالم أولى بوجوب الإعادة من الجاهل بالارتكاز. نعم ، لو كانت العبارة : « حتى إذا علم » أو « ولو إذا علم » لكانت الصحيحة ظاهرة في المدعى إلاّ أن الأمر ليس كذلك ، وهذا مما يوجب الظن القوي بل الاطمئنان على وجود سقط في الرواية ، ولعل الساقط كلمة « لا » قبل كلمة يعيد (١) فيكون مدلولها عدم وجوب الإعادة إذا لم يكن علم ، أو يحمل قوله : « يعيد » على كونه استفهاماً إنكارياً وكأنه قال : هل يعيد إذا لم يكن علم؟ ومعناه أيضاً يرجع إلى نفي وجوب الإعادة على الجاهل ، وبهذا الاحتمال وذاك تصبح الصحيحة مجملة ولا يمكننا الاعتماد عليها أبداً.

وكذلك الحال في الموثقة لاضطراب متنها ، فانّ قوله : « فعليه إعادة الصلاة إذا علم » يحتمل أمرين ومعنيين أحدهما : أن يكون معناه أن الإعادة يشترط فيها العلم بوقوع الصلاة في النجس وحيث إنه علم بذلك بعد الصلاة فلا محالة وجبت عليه إعادتها ، وعلى ذلك فهذه الجملة مسوقة لبيان حكم عقلي أعني اشتراط العلم في تنجز التكليف ، والشرطية مسوقة لبيان التسوية والتعميم في الإعادة بين الصورتين المذكورتين في قوله : « علم به أو لم يعلم » فتجب فيهما الإعادة لعلمه بوجود الخلل في صلاته. وثانيهما : أن يكون معناه أن الإعادة تختص بما إذا علم بالنجاسة دون ما إذا لم يعلم بها ، وعليه فهو شارح للتفصيل المتقدم عليه في قوله : « علم به أو لم يعلم » وقرينة على أن قوله ذلك تشقيق لا تفصيل ، وحاصله : أن الإمام عليه‌السلام لما شقق الموضوع وبيّن أنه قد يكون عالماً بنجاسة ثوبه وقد لا يكون ، فرّع عليه الحكم بالإعادة إذا علم مشعراً بعدم وجوبها إذا لم يعلم وأن الحكم بالإعادة لا يعم كلا الشقين ، وحيث لا قرينة على تعيين أحد المحتملين فلا محالة تصبح الموثقة كالصحيحة‌

__________________

(١) لا يخفى ان الرواية مشتملة على كلمة ( لا ) وفقاً لبعض نسخ التهذيبين كما في الطبعة الأخيرة من التهذيب ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩١ ، والاستبصار ١ : ١٨١ / ٦٣٥ وما استظهرناه ونقلنا عنه في المتن موافق مع النسخة التي روى عنها الوافي ٦ : ١٦٤ / ٤٠٠٩ والوسائل.

۴۶۳