وأما إذا كان جاهلاً بالموضوع (١) بأن لم يعلم أن ثوبه أو بدنه لاقى‌


لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ... (١).

وبذلك يظهر أن الحديث إنما يشير إلى تلك الخمسة التي ذكرها الله سبحانه في الكتاب ، والذي ذكره سبحانه إنما هو خصوص الطهارة من الحدث أعني الغسل والوضوء والتيمم وليس من الطهارة الخبثية ذكر في الكتاب ، فاذا ضممنا إلى ذلك ما استفدناه من ذيل الحديث ، فلا محالة ينتج أن الطهور في الحديث إنما هو بمعنى ما يتطهر به من الحدث ، وأما الطهارة من الخبث فليست من الأركان التي تبطل الصلاة بالإخلال بها مطلقاً كما هو الحال في الخمسة المذكورة في الحديث. ولعل ما ذكرناه هو الوجه فيما سلكه المشهور من أصحابنا حيث خصوا الحديث بالطهارة من الحدث مع عمومه في نفسه.

ومما يدلنا على أن الطهارة من الخبث ليست كالطهارة الحدثية من مقومات الصلاة حتى تبطل بفواتها ، أنه لا إشكال في صحة الصلاة الواقعة في النجس في بعض الموارد ولو مع العلم به كموارد الاضطرار وعدم التمكن من استعمال الماء ، وكذلك الأخبار الواردة في صحة الصلاة في النجس في الشبهات الموضوعية كما نوافيك عن قريب حيث إنها لو كانت مقومة للصلاة كالخمسة المذكورة في الحديث لم يكن للحكم بصحة الصلاة مع الإخلال بها وجه صحيح. وكيف كان ، فما ذكرناه من القرينة مؤيداً بما فهمه المشهور من الحديث كاف في إثبات المدعى ، وعليه فالحديث يعم الجاهل القاصر والناسي كليهما وتخصيصه بالناسي تخصيص بلا وجه.

(١) ما سردناه في الحاشية المتقدمة إنما هو في الجهل بالنجاسة من حيث الحكم والاشتراط ، وأما إذا صلّى في النجس جاهلاً بموضوعه مع احتماله النجاسة أو الغفلة عنها ثم علم بالنجاسة بعد الصلاة ، فقد نسب إلى بعضهم القول بوجوب الإعادة حينئذ في الوقت وخارجه ولم يسم قائله. وعن المشهور عدم وجوب الإعادة مطلقاً‌

__________________

(١) المائدة ٥ : ٦.

۴۶۳