بتركهما أو بالتصريح باعتبارهما في المأمور به ، والحديث حاكم على أدلتهما وذلك لأنه قد فرض أن للصلاة أجزاء وشرائط ثم بيّن أن ترك غير الخمسة المذكورة فيه غير موجب لبطلان الصلاة وإعادتها إذا لم يكن عن علم أو جهل تقصيري ومن هنا يتقدّم على أدلّتهما ، ولا يفرق في ذلك بين دلالة الدليل على الجزئية أو الشرطية بالمطابقة وبين دلالته عليهما بالالتزام كما هو الحال في الحسنة ، لأن إثباتها الإعادة عند وقوع الصلاة في النجس يدلنا بالالتزام على شرطية الطهارة في الثوب والبدن للصلاة ، فالحديث بذلك ينفي اعتبار الطهارة بالإضافة إلى الجاهل القاصر ، ومجرد وحدة لسان الحسنة والحديث لا تجعلهما من المتعارضين بعد عدم كون الأمر بالإعادة مولوياً وجوبياً ، والنسبة إنما تلاحظ بين المتنافيين ولا تنافي بين الحاكم ومحكومه.

الثالث : أنّ الطهور الذي هو من الخمسة المعادة منها الصلاة إما أن يكون أعم من الطهارة الحدثية والخبثية ، وإما أن يكون مجملاً لا يدرى أنه يختص بالطهارة الحدثية أو يعم الخبثية أيضاً ، وعلى كلا الفرضين لا يمكن التمسك به في الحكم بعدم وجوب الإعادة على الجاهل. أما بناء على أنه أعم فلأجل أن صلاة الجاهل فاقدة لطهارة الثوب أو البدن والإخلال بالطهارة الخبثية مما تعاد منه الصلاة. وأما بناء على إجماله فلأجل كفاية الإجمال في الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل بالحكم أو بالاشتراط ، وذلك لأن إجمال المخصص المتصل كالطهور يسرى إلى العام كقوله « لا تعاد » ويسقطه عن الحجية في مورد الإجمال ، ومعه لا دليل على عدم وجوب الإعادة في مفروض الكلام. ومقتضى إطلاقات مانعيّة النجاسة في الثوب والبدن بطلان صلاة الجاهل القاصر ووجوب الإعادة عليه.

وهذا الوجه وإن كان أمتن الوجوه التي قيل أو يمكن أن يقال في المقام إلاّ أنه أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأنّ الطهور حسبما ذكرناه في أوائل الكتاب من أنه بمعنى ما يتطهر به نظير الوقود والفطور والسحور وغيرهما مما هو بمعنى ما يحصل به المبدأ ، وقد يستعمل بمعنى آخر أيضاً وإن كان أعم حيث إن ما يحصل به الطهارة وهو الماء والتراب غير مقيد بطهارة دون طهارة وبالحدثية دون الخبثية ، إلاّ أن في الحديث قرينة تدلنا على أن المراد بالطهور خصوص ما يتطهر به من الحدث فلا‌

۴۶۳