إزالة النجاسة عنها وحرمة تنجيسها. وألحقها بها الماتن قدس‌سره في حرمة التنجيس دون وجوب الإزالة عنها ، ومن ثمة وقع الكلام في أن حرمة التنجيس ووجوب الإزالة حكمان متلازمان ولا ينفك أحدهما عن الآخر أو لا تلازم بينهما؟ وتوضيح الكلام في ذلك يقع في مسائل ثلاث :

الاولى : ما إذا كان تنجيس المشاهد وترك تطهيرها موجبين لهتكها ، ولا إشكال في هذه الصورة في أنها كالمساجد يحرم تنجيسها وتجب الإزالة عنها ، لأن المشاهد كالصفا والمروة من شعائر الله ، ولا إشكال في أن هتك الشعائر حرام وهو مناف لتعظيم حرمات الله سبحانه.

الثانية : ما إذا لم يكن تنجيسها أو ترك الإزالة عنها موجباً للهتك ، ويقع الكلام في هذه المسألة من جهتين : إحداهما : جهة تنجيسها وأنه محرّم أو لا حرمة فيه. ثانيتهما : جهة تطهيرها وأن إزالة النجاسة عن المشاهد المشرّفة واجبة أو غير واجبة ، ليظهر أن الحكمين متلازمان أو لا تلازم بينهما.

أمّا الجهة الأُولى : فالتحقيق أن تنجيس المشاهد المشرفة محرّم في الشريعة المقدّسة من غير أن يكون ذلك من جهة تبعيتها للمساجد ، فانّا لو لم نلتزم بحرمة تنجيس المسجد وآلاته أيضاً كنّا نلتزم بحرمة تنجيس المشاهد المشرّفة ، وذلك لأنها بما تشتمل عليه من آلاتها وأسبابها إما أن تكون ملكاً للإمام عليه‌السلام قد وقفت لأن يزار فيها ، وإما أن تكون ملكاً للمسلمين قد وقفت لأن يكون مزاراً لهم ، ولوحظ في وقفها نظافتها وطهارتها والوقوف حسبما يقفها أهلها فالتصرف فيها في غير الجهة الموقوفة لأجلها محرّم شرعاً ، ومن الواضح أن المشاهد وآلاتها إنما وقفت لأن يزار فيها الإمام عليه‌السلام وتنجيسها ينافي جهة وقفها. نعم ، التنجيس فيما لا تنافي نجاسته جهة الوقف مما لا محذور فيه وذلك كالخانات الموقوفة للزوار والمسافرين في مسيرهم ، حيث لم تلاحظ في وقفها جهة الطهارة بوجه.

ومن هذا ظهر أن حرمة التنجيس في المشاهد المشرّفة على القاعدة ولا نحتاج في إثباتها إلى دليل ، وهذا بخلاف المساجد لأنها محررة وغير داخلة في ملك مالك ، فهي‌

۴۶۳