الإزالة لا يقتضي لزوم الزائد على الفورية العرفية ، وليس على نحو يشمل المقام كما لا يشمل ما إذا طرأت النجاسة على المسجد وهو في أثناء الطعام أو غيره مما يحتاج إليه.

وتفصيل الكلام في المقام : أن فورية الإزالة ووجوب المبادرة نحوها إن كان مدركهما دليلاً لفظيّاً كما إذا قلنا بدلالة الآية المباركة والأخبار المتقدمة على وجوبها الفوري وكان مدرك وجوب إتمام الفريضة وحرمة قطعها أيضاً دليلاً لفظياً ، كما إذا استدللنا عليهما بما ورد من أن الصلاة تحريمها التكبيرة وتحليلها التسليم (١) بحمل التحريم والتحليل على الحرمة والحلية التكليفيتين ، حيث يدل حينئذ على أن الأُمور القاطعة للصلاة من الاستدبار والقهقهة ونحوهما محرمة لأن محلل الصلاة هو التسليم ، فيكون الإطلاقان متزاحمين فان كلا منهما يشمل صورة وجود الآخر وعدمه ، فيدل أحدهما على وجوب المبادرة إلى الإزالة وفوريتها سواء كان المكلف في أثناء الفريضة أم لم يكن ، ويدلُّ الآخر على حرمة قطع الفريضة مع نجاسة المسجد وعدمها ، وحيث إن المكلف لا يتمكن من امتثال كليهما كما هو مفروض المسألة فالاطلاقان متزاحمان ولا بد من الرجوع إلى قواعد باب التزاحم ، وهي تقتضي وجوب تقديم الأهم أو ما يحتمل أهميته على غيره.

هذا إذا كان أحدهما كذلك ، وإلاّ فيتخير بينهما لتساويهما من جميع الجهات. ولما لم تثبت الأهمية في المقام ولا أنها محتملة في أحدهما دون الآخر ، تخيّر المكلف بين إتمام الصلاة ثم الإزالة وبين قطعها والمبادرة إلى الإزالة ، والحكم بوجوب الإتمام حينئذ مبني على احتمال كونه أهم. ولا يفرق في ذلك بين القول بالترتب وعدمه لأن القول بالترتب بين المتساويين أيضاً ينتج التخيير. نعم ، القول بالترتب يلزمه القول بتعدد العقاب إذا تركهما معاً لأن كلا من الإزالة وإتمام الصلاة واجب مشروط بترك الآخر فهناك واجبان مشروطان تحقق شرط كل منهما بتركهما فيترتب عليه عقابان ، وهذا بخلاف ما إذا أنكرنا الترتب حيث لا تكليف حينئذ إلاّ بأحدهما مخيراً فإذا تركهما فقد‌

__________________

(١) قدّمنا مصدرها في ص ٢٣٩.

۴۶۳