المسجد الحرام ثبتت في جميع المساجد لعدم القول بالفصل.

ويبتني الاستدلال بهذه الآية المباركة على أن يكون المراد بالنجس في زمان نزول الآية الشريفة النجاسة بالمعنى المصطلح عليه الذي له أحكام ، كحرمة الأكل والمانعية في الصلاة وغيرهما من الآثار المترتبة عليه في الشريعة المقدسة كما كانت تستعمل بهذا المعنى في عصرهم عليهم‌السلام ، وأنى للمدعي بإثباته إذ لا علم لنا بثبوت النجاسة بالمعنى المصطلح عليه في ذلك الزمان ، ومن المحتمل أن لا يكون منها عين ولا أثر في زمان نزول الآية المباركة ، بل الظاهر أن المراد فيها بالنجس هو القذر المعنوي أعني قذارة الشرك كما هو المستفاد من تعليق النهي عن دخولهم المسجد بوصف أنهم مشركون ، فان فيه إشعاراً بعلية الشرك في حرمة الدخول.

على أن حمل النجس على ذلك هو الذي يساعده الاعتبار ، لأن المشرك عدوّ الله فلا يناسب أن يدخل المسجد الحرام لعظمته وشرافته ، ولأنه قد أسس لتوحيد الله وعبادته فكيف يدخله من يعبد غيره فهل يدخل المشرك بيت الله سبحانه وهو يعبد غيره. فالآية المباركة أجنبية الدلالة على حرمة إدخال النجاسة في المساجد. ويؤكد ذلك أن ظاهر الآية أن النجاسة هي العلة في النهي عن دخولهم المسجد الحرام فلو حملنا النجس فيها على معناه المصطلح عليه لزم الحكم بحرمة إدخال أيّ نجس في المساجد مع أن هناك جملة من النجاسات يجوز إدخالها في المساجد بضرورة الفقه والأخبار :

منها : المستحاضة وإن كان دمها سائلاً وموجباً لتلوث بدنها ، حيث يجوز لها أن تطوف بالبيت كما ورد في الأخبار المعتبرة (١). ومنها : الحائض والجنب وإن كان بدنهما مصاحباً للنجاسة ، لأن مقتضى الأخبار جواز دخولهما في المساجد مجتازين (٢). ومنها : من كان على بدنه جرح أو قرح ، لأن السيرة خلفاً عن سلف قد استقرت على جواز دخوله المسجد مع اشتمال بدنه على الدم ، وكذلك الحال في من تنجس بدنه أو‌

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٤٦٢ / أبواب الطواف ب ٩١ ح ١ ٣.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٠٥ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٦ ، ١٠ ، ١٧.

۴۶۳