وثالثاً : أنّ الصحيحة لو سلّمنا أن ظاهرها مسح خصوص موضع البول من ذكره بقرينة مقابله أعني قوله : « فمسح ذكره بحجر » لأنه بمعنى مسح خصوص موضع البول بالحجر ، لما أمكننا الاعتماد عليها ، فيما نحن فيه ، إذ لا دلالة لها على أن ما أصاب ثوبه إنما هو خصوص الموضع المتنجس من يده ، لاحتمال أن يكون ما أصابه هو الموضع غير المتنجس منها ، لإطلاق الرواية وعدم تقييدها بشي‌ء ، وعليه فان كان الموضع المتنجس من يده معيناً فيشك في أنه هل أصاب ثوبه أم لم يصبه فالأصل عدم إصابته وإذا كان الموضع المتنجس غير معين فيكون الثوب من ملاقي أحد أطراف الشبهة وملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة محكوم بالطهارة على ما حقّقناه في محلِّه (١). وبعبارة اخرى : أنّ الرواية كما عرفتها مشتبهة الوجه والمراد ، حيث لم تقم قرينة على أنّ الوجه في نفيها الغسل بقوله : « لا » هو عدم تنجيس المتنجس ، أو أنّ وجهه أنّ الثوب لاقى أحد أطراف الشبهة المحصورة وهو محكوم بالطهارة كما مر. وكيف كان فهذه الرواية غير قابلة للاعتماد عليها.

ومنها : رواية حفص الأعور (٢) حيث دلّت على أن الدنّ المتنجس بالخمر إذا جف فلا بأس بجعل الخل فيه. ويدفعها أن تجفيف الدّن من الخمر ثم جعل الخل فيه إنما وقع في كلام السائل ، حيث لم يرد في كلامه عليه‌السلام غير قوله : « نعم » وهو كما يحتمل أن يراد به جعل الخل في دنّ الخمر بعد تجفيفه من دون غسله وهو معنى الاستدلال بها على عدم تنجيس المتنجس كذلك يحتمل أن يراد به جعل الخل فيه بعد غسله فدلالتها إنما هو بالإطلاق ، ولكن لا مناص من تقييدها بما بعد الغسل ، لموثقة عمّار المتقدِّمة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الدنّ يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه خل أو ماء كامخ أو زيتون؟ قال : إذا غسل فلا بأس » (٣) .. حيث وردت في تلك المسألة بعينها ودلت على عدم البأس بجعل الخل في الدنّ المتنجس‌

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤١٠.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٩٥ / أبواب النجاسات ب ٥١ ح ٢.

(٣) الوسائل ٣ : ٤٩٤ / أبواب النجاسات ب ٥١ ح ١ وتقدّمت الإشارة إليها في ص ٢١١.

۴۶۳