ويؤيد ذلك برواية معاوية بن شريح ، قال : « سأل عذافر أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن سؤر السنور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس والبغل والسباع يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال : نعم ، اشرب منه وتوضأ منه ، قال قلت له : الكلب؟ قال : لا ، قلت : أليس هو سبع؟ قال : لا والله إنه نجس ، لا والله إنه نجس » (١) حيث إن ظاهرها أنّ العلّة في الحكم بعدم جواز الشرب والتوضؤ من سؤر الكلب إنما هي نجاسة ما باشره ولاقاه فيتعدّى من الكلب إلى كل ما هو نجس أو متنجس هذا.

ولا يخفى أن إطلاق النجس على المتنجّس وإن كان أمراً شائعاً لأنه أعم من الأعيان النجسة والمتنجسة ويصحّ أن يقال : إنّ ثوبي نجس ، إلاّ أن كلمة الرجس لم يعهد استعمالها في شي‌ء من المتنجسات ، بل لا يكاد أن يصح ، فهل ترى صحة إطلاقها على مؤمن ورع إذا تنجس بدنه بشي‌ء؟ وذلك لأن الرجس بمعنى « پليد » وهو ما بلغ أعلى مراتب الخباثة والقذارة فلا يصح إطلاقه على المتنجس بوجه.

على أنه لا قرينة في الصحيحة على أن قوله عليه‌السلام « رجس نجس » تعليل للحكم بعدم جواز التوضؤ أو الشرب منه ، بل فيها قرينة على عدم إرادة التعليل منه وهي قوله عليه‌السلام : « واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء » ، فان لازم حمله على التعليل والتعدِّي عن مورد الصحيحة إلى غيره الحكم بوجوب التعفير في ملاقي جميع الأعيان النجسة والمتنجسة. مع أنه مختص بولوغ الكلب ولا يأتي في غيره من النجاسات فضلاً عن المتنجسات. وأما الرواية فهي ضعيفة بمعاوية ، على أنها قاصرة الدلالة على المدّعى ، لأنّ قوله عليه‌السلام « لا والله إنه نجس » لم يرد تعليلاً للحكم المتقدِّم عليه وإنما ورد دفعاً لما توهمه السائل من أن الكلب من السباع التي حكم عليه‌السلام بطهارة سؤرها ، فقد دفعه بأن الكلب ليس من تلك السباع ، فهو في الحقيقة كالإخبار دون التعليل ، فهذا الاستدلال ساقط.

والصحيح أن يستدل على تنجيس المتنجس ولو مع الواسطة بالأخبار الواردة‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٢٦ / أبواب الأسآر ب ١ ح ٦.

۴۶۳