نعم ، لا ينجس العالي بملاقاة السافل إذا كان جارياً من العالي (١) ، بل لا ينجس‌


والملاقاة ، وإصابة النجس وملاقاته مختصتان بجزء من الجامد وغير متحققتين في الجميع ، ولم يقم دليل على أن الاتصال يوجب النجاسة. نعم ، لو انفصل جزء من ذلك الجامد ثم اتصل بالموضع المتنجس منه يحكم بنجاسة ذلك الجزء لصدق إصابة النجس وملاقاته بالاتصال ، كما إذا أخذنا مقداراً من الطين ثم ألقيناه على الموضع المتنجس منه ، لصدق أنه لاقى نجساً وأصابه. ففرق واضح بين الاتصال قبل تنجس موضع من الجسم وبين الاتصال بعد تنجسه ، والفارق هو الصدق العرفي فإن الملاقاة والإصابة تصدقان في الثاني دون الأوّل ، هذا.

بل يمكن دعوى القطع بعدم تنجس تمام الجسم الجامد بتنجس بعضه ، وذلك لاستلزامه الحكم بنجاسة جميع البلد بسطوحه ودوره وأرضه إذا كانت مبتلّة بالمطر مثلاً وقد بال أحد في جانب من البلد وهو مقطوع العدم ، فالاتصال غير كاف في الحكم بنجاسة الجسم ، وقد خرجنا عن ذلك في الماء والدهن ونحوهما من المائعات للدليل ، حيث قلنا بانفعال جميع أجزائها إذا أصابت النجاسة طرفاً منها لأن الاتصال مساوق للوحدة وهو ماء أو مائع واحد لاقاه نجس فيتنجس لا محالة.

(١) بمعنى أن ما ذكرناه من الحكم بنجاسة جميع الماء القليل بملاقاة جزء منه نجساً يختص بما إذا كان واقفاً ، وأما إذا كان جارياً من الأعلى إلى الأسفل وكان النجس أسفلهما فلا يحكم بنجاسة السطح العالي بملاقاته ، فلو صبّ ماء من الإبريق على يد الكافر مثلاً لا يحكم بنجاسة الماء الموجود في الإبريق بتنجس السافل منه حيث لاقى يد الكافر هذا.

بل ذكرنا في مبحث المياه أن المناط والاعتبار إنما هما بخروج الماء بقوّة ودفع ولا يعتبر في عدم انفعال الماء أن يكون عالياً ، بل لو كان أسفل من الماء المتنجِّس أيضاً لا يحكم بنجاسته إذا خرج بقوّة ودفع وهذا كما في الفوّارات ، لأنّ تنجّس العالي في مثلها غير مستلزم لتنجس أسفله حيث إنّ القوة والدفع توجبان التعدّد عرفاً. ولا يفرق في ذلك بين الماء وغيره من المائعات ، وقد تقدّم هذا كلّه سابقاً وإنما أشرنا إليه في المقام تبعاً للماتن قدس‌سره.

۴۶۳