أو في أحدهما رطوبة مسرية فاذا كانا جافين لم ينجس ، وإن كان ملاقياً للميتة. لكن الأحوط غسل ملاقي ميت الإنسان قبل الغسل وإن كانا جافين ، وكذا لا ينجس إذا كان فيهما أو في أحدهما رطوبة غير مسرية (١). ثم إن كان الملاقي للنجس أو المتنجس مائعاً‌


وأما وجوب الغسل بملاقاة ميت الآدمي بعد برده وقبل تغسيله ولو مع الجفاف فهو أمر آخر ، لأن الكلام إنما هو في تأثير ملاقاة النجس مع الجفاف من حيث الخبث لا من ناحية الحدث. والوجه في هذا كله هو الارتكاز ، وما ورد من تعليل عدم نجاسة ملاقي النجس بأنه يابس كما في حسنة محمد بن مسلم في حديث « أنّ أبا جعفر عليه‌السلام وطئ على عذرة يابسة فأصاب ثوبه ، فلما أخبره قال : أليس هي يابسة؟ قال : بلى ، فقال : لا بأس » (١). وموثقة عبد الله بن بكير قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط ، قال : كل شي‌ء يابس زكي » (٢).

هذا كلّه مضافاً إلى أن الأوامر المطلقة الواردة بغسل ما أصابه النجس (٣) ظاهرة في أنفسها في اعتبار الرطوبة في أحد الملاقيين ، فان الغسل عبارة عن إزالة الأثر ، والأثر إنما يتحقق بملاقاة النجس مع الرطوبة المسرية حيث لا تأثير في الملاقاة مع الجفاف فهذه الأخبار أيضاً شاهدة على أن الرطوبة المسرية معتبرة في نجاسة ملاقي النجس أو المتنجس. فالمتحصل أن اعتبار الرطوبة في تأثير النجاسات مما لا إشكال فيه.

(١) إن الرطوبة بإطلاقها غير كافية في الحكم بنجاسة الملاقي وتأثره من النجس بل يعتبر أن تكون مسرية بالارتكاز بأن ينتقل بعض الأجزاء المائية في النجس إلى‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٤٤ / أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ١٤.

(٢) الوسائل ١ : ٣٥١ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٥. ثم إن الرواية وإن عبّر عنها بالموثقة في كلماتهم إلاّ أن في سندها محمد بن خالد والظاهر أنه محمد بن خالد الأشعري الذي لم تذكر وثاقته في الرجال.

(٣) كما في الروايتين المتقدمتين عن محمد بن مسلم [ في ص ١٨٣ ] وغيرهما من الأخبار.

۴۶۳