بول مثلاً ولكنهما اختلفا من حيث خصوصياتها فأخبر أحدهما عن أنها وقعت في أحد الإناءين لا على التعيين وشهد الآخر بوقوعها في أحدهما المعين ففيه وجوه واحتمالات :

فقد يُقال بوجوب الاجتناب عن المعيّن فحسب ، لأنّ وجوب الاجتناب عنه مشهود به لكلتا الشهادتين حيث شهد به أحدهما تفصيلاً وشهد به الآخر على وجه الإجمال ، فإن لازم وقوع النجاسة في أحدهما غير المعين وجوب الاجتناب عن كلا الطرفين فالمعين قد شهد كلاهما بوجوب الاجتناب عنه ، نعم ، لا يثبت بذلك نجاسته حتى يحكم بنجاسة ملاقيه وإنما يجب الاجتناب عنه فحسب ، وهذا بخلاف الطرف الآخر فان وجوب الاجتناب عنه مشهود به لأحدهما وليس بمشهود به لمن أخبر عن وقوع النجاسة في المعين منهما ، فيجب الاجتناب عن المعيّن دون الآخر.

والجواب عن ذلك : أنّ نجاسة المعين منهما وإن كانت مشهوداً بها لأحدهما إلاّ أن شهادة الآخر بنجاسة أحدهما على نحو الإجمال لا تثبت وجوب الاجتناب عن المعيّن ، وذلك لأن النجاسة الإجمالية غير ثابتة بالبينة وإنما شهد بها العدل الواحد ومع عدم ثبوت النجاسة الإجمالية لا يثبت وجوب الاجتناب عن كلا الطرفين ، لأنها إذا سقطت عن الاعتبار في مدلولها المطابقي فلا مجال لاعتبارها في مدلولها الالتزامي وهو وجوب الاجتناب عن المعين منهما.

فتحصّل أن وجوب الاجتناب عن المعيّن ليس بمشهود به لكلا الشاهدين بل لأحدهما ، وحيث إنه من شهادة العدل الواحد فلا يترتب على شهادته أثر بناء على عدم اعتبار شهادته في الموضوعات الخارجية. وإن شئت قلت : إن وجوب الاجتناب عن طرفي العلم الإجمالي حكم عقلي لا يثبت بالشهادة لأنه يتبع موضوعه فإذا تحقّق حكمَ العقل على طبقه دون ما إذا لم يتحقّق موضوع ، فلا محيص من أن تتعلّق الشهادة بالنجاسة ، ولم تتعلّق شهادة بنجاسة المعين من كليهما وإنما شهد بها أحدهما فلا أثر لشي‌ء من الشهادتين.

وقد يقال بوجوب الاجتناب عن كليهما ، حيث إن أحدهما قد شهد بنجاسة ما هو‌

۴۶۳