ولا اعتبار بمطلق الظن وإن كان قويّاً (١) فالدهن واللّبن والجبن المأخوذ من أهل البوادي محكوم بالطهارة وإن حصل الظن بنجاستها ، بل قد يقال بعدم رجحان الاحتياط (٢) بالاجتناب عنها ، بل قد يكره ، أو يحرم إذا كان (*) في معرض حصول الوسواس.


(١) لعلّه أراد بالظن القوي الظن غير البالغ مرتبة الاطمئنان المعبّر عنه بالعلم العادي العقلائي الذي يكون احتمال خلافه موهوماً غايته ولا يعتني به العقلاء ، وإلاّ فهو حجة عقلائية يعتمد عليه العقلاء في جميع أُمورهم ولم يردع عن عملهم هذا في الشريعة المقدسة ، ومعه لا مانع من الحكم بثبوت النجاسة به كما يثبت به غيرها من الأُمور. نعم ، الظن غير البالغ مرتبة الاطمئنان الذي يعتني العقلاء باحتمال خلافه كما إذا كان تسعين في المائة وتسعاً في العشرة لم يثبت حجيته فلا بدّ في مورده من الرجوع إلى استصحاب الطهارة التي هي الحالة السابقة في المتنجسات ، أو إلى أصالة الطهارة إذا شك في مورد أنه من الأعيان النجسة أو غيرها لعموم أدلّتهما ، فإنّ المراد بالشك الذي أُخذ في موضوع الأُصول أعم من الظن غير المعتبر كما حرّر في محلِّه.

(٢) عدم رجحان الاحتياط أو مرجوحيّته بما أنه احتياط أمر غير معقول ، لأنه عبارة عن التحفّظ على الأمر الواقعي المحتمل لئلاّ يقع في مفسدته أو تفوت عنه مصلحته ، وكيف يتصوّر المرجوحية في مثله وإلاّ فما فائدة التحفظ على المطلوب الواقعي؟ نعم ، قد يلازم الاحتياط عنوان آخر مرجوح أو حرام وبه يقع التزاحم بينهما فيقدم الأقوى منهما بحسب الملاك ، فقد يوجب ذلك مرجوحية الاحتياط بل حرمته إلاّ أنه لا يختص بالاحتياط في باب النجاسات بل ولا يختص بالاحتياط أصلاً فإنّ العناوين الأوّلية طراً قد يطرؤها العناوين الثانوية فتزاحمها. والعنوان الثانوي الذي نتصوّره في الاحتياط بحيث يوجب مرجوحيته على الأغلب هو الوسواس ، فانّ غيره قد يوجب مرجوحيته لا بحسب الغالب أو الأغلب ، وهذا كما إذا كان عنده ماء‌

__________________

(*) في إطلاقه إشكال بل منع.

۴۶۳