الغسالة بواسطة أرض الحمّام لا محالة ، فلو كانت الغسالة متنجِّسة لغسل عليه‌السلام رجليه لتنجسهما مع أنه لم يغسلهما إلاّ لما لزقهما من التراب ، ولا بدّ معه من حمل الأخبار المانعة على التنزه والكراهة.

هذا ثم لو سلمنا نجاسة الغسالة فإنما نسلّمها في الحمّامات التي يدخلها اليهود والنصارى والناصب وغيرهم ممن سمِّي في الروايات كما كان هو الحال في الحمّامات الدارجة في عصرهم عليهم‌السلام ، فان الحماميين كانوا من أهل السنّة وكان يدخلها السلاطين والأُمراء واليهود والنصارى والناصب ، فهب أنّا حكمنا بنجاسة الغسالة في مثلها إلاّ أن التعدي عن مورد الروايات إلى غيرها من الحمّامات التي نعلم بعدم دخول اليهود والنصارى والناصب فيها كحمّاماتنا أو نشك في دخولهم دونه خرط القتاد ، فكيف يمكن الحكم حينئذ بنجاسة الغسالة على وجه الإطلاق. فالإنصاف أنّ غسالة الحمّام لا دليل على نجاستها.

وهم ودفع : أمّا الوهم فهو أنّ من البعيد جدّاً بل ولا يحتمل عادة طهارة الغسالة في الحمّامات المتعارفة ، فإن من يريد الاغتسال في الحمّام لم تجر العادة على أن يطهّر بدنه من الخبث خارجاً ثم يدخله لمجرّد الاغتسال ، بل إنما يدخله مع نجاسة بدنه فيكون الماء الملاقي لبدنه متنجساً وبه تكون الغسالة التي هي مجمع تلك المياه المتنجسة متنجسة ، لقلّتها أو لو كانت كثيرة أيضاً يحكم بنجاستها لما قدمناه من أن تتميم القليل كراً بالمتنجِّس غير كاف في الاعتصام ، وبئر الغسالة إنما تتمم كراً بالمياه المتنجِّسة ومعه كيف صحّ للإمام عليه‌السلام أن يغتسل فيها أو لا يغسل رجليه إلاّ لأجل ما لزقهما من التراب.

وأمّا الدفع فهو أن الحمّامات الموجودة في عصرهم إنما كانت عبارة عن عدّة حياض صغار كما هي كذلك في حمّاماتنا اليوم وكانت تتصل تلك الحياض بماء الخزانة بشي‌ء كانبوب ومزملة ولو من خشب وبها كانت المادة تتصل بالحياض وتوجب طهارتها ، كما أنها تطهِّر أرض الحمّام بجريانها عليه إلى أن يصل إلى بئر الغسالة فتوجب طهارة البئر أيضاً ، لأنها ماء مطهّر عاصم فتطهر البئر بوصولها ، ومن‌

۴۶۳