بالذكر دون بقية أجزائها ورطوباتها إنما هو لكثرة الابتلاء به فان عرقها يصيب ثوب راكبها وبدنه لا محالة.

ثم إنّ الوجه في التعدي عن المحرمات الذاتية إلى المحرم بالعرض إنما هو إطلاق الأدلّة الدالّة على بطلان الصلاة فيما حرّم الله أكله من غير تقييده بالمحرّم بالذات ، وغير ذلك مما يستفاد منه عموم المنع لكل من المحرمات الذاتية والعرضية ، وتفصيل الكلام في ذلك موكول إلى محله. والغرض مجرد التنبيه على أن التعدي إلى المحرمات العرضية من المسائل الخلافية وليس من الأُمور المتسالم عليها بينهم ، وإنما نحن بنينا على التسوية بين الذاتي والعرضي ، ولقد بنى شيخنا الأُستاذ قدس‌سره في رسالة اللباس المشكوك فيه على اختصاص المانعية بالمحرم الذاتي ، وأفاد أن الجلل لا يوجب اندراج الحيوان المتصف به في عنوان ما لا يؤكل لحمه ولا في عنوان حرام أكله (١) إلاّ أنه في تعليقته المباركة بنى على تعميم المانعية للجلل أيضاً ، وهما كلامان متناقضان والتفصيل موكول إلى محله.

وكيف كان ، فلا دليل على نجاسة عرق الإبل الجلاّلة فضلاً عن غيرها ، ومن هنا كتبنا في التعليقة : أن الظاهر طهارة العرق من الإبل الجلاّلة ولكن لا تصح فيه الصلاة. فعلى هذا لا موجب لحمل اللاّم في الصحيحة على العهد والإشارة حتى تطابق الحسنة ولئلاّ يكون إطلاقها على خلاف المتسالم عليه ، بل نبقيها على إطلاقها وهو يقتضي بطلان الصلاة في عرق مطلق الجلال من دون تخصيص ذلك بالإبل ، وقد عرفت أنها لا تدلّ على نجاسته حتى يكون على خلاف المتسالَم عليه ، هذا على أنه لا عهد في الصحيحة حتى تحمل عليه اللاّم. والذي تلخص أن الأمر بغسل العرق من الإبل الجلالة أو من مطلق الجلال وإن سلمنا أنه إرشاد وليس أمراً مولوياً لبداهة أن غسل العرق ليس من الواجبات النفسية في الشريعة المقدّسة إلاّ أنه إرشاد إلى مانعيته لا إلى نجاسته.

__________________

(١) رسالة في اللباس المشكوك فيه : ٢٤٠.

۴۶۳