لا يصحّح إطلاق العصير عليه فانّ له اسماً آخر ، فتارة يعبّر عنه بالنبيذ باعتبار ما نبذ من الزبيب في الماء وأُخرى بالمريس باعتبار دلكه وثالثة بالنقيع باعتبار تصفيته وأما عنوان العصير فلا يطلق عليه أبداً.

وأمّا ثانياً : فلأن الاستدلال بعموم الحديث في المقام مستلزم لتخصيص الأكثر المستهجن فيلزم أن يقال : كل عصير أصابته النار فقد حرم إلاّ عصير البرتقال واللّيمون والرمّان والبطِّيخ وعصير كل شي‌ء سوى عصيري العنب والزّبيب وهو من الاستهجان بمكان ، فلا مناص من حمل الحسنة على معنى آخر لا يلزمه هذا المحذور وبما أنّ المراد بالعصير في الرواية لم يظهر أنه أيّ فرد وأنه خصوص العصير العنبي أو الأعم منه ومن عصير الزبيب ، ولم يمكن إرادة جميع أفراده ومصاديقه فلا يمكننا الحكم بشمولها للمقام.

وعليه فالصحيح أن العصير الزبيبي مطلقاً لا نجاسة ولا حرمة فيه سواء غلى أم لم يغل ، إلاّ أن الاحتياط بالاجتناب عن شربه إذا غلى قبل ذهاب ثلثيه حسن على كل حال.

وأمّا العصير التمري فالحلية فيه كطهارته أظهر ، حيث لم ترد نجاسته ولا حرمته في شي‌ء من الأخبار سوى ما تقدّم من مثل قوله عليه‌السلام : « كلّ عصير أصابته النار ... » وما ورد في حرمة النبيذ الذي فيه القعوة أو العكر وغيره مما سردناه في عصير الزبيب ، كما أسلفنا هناك الجواب عنها بأجمعها وقلنا إنه لا دلالة لها على حرمة العصير إلاّ أن يكون مسكراً لنشه بنفسه.

هذا مضافاً إلى جملة من الروايات الواردة في دوران الحرمة مدار وصف الإسكار وأحسنها صحيحتان : إحداهما صحيحة معاوية بن وهب ، قال « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ رجلاً من بني عمِّي وهو من صلحاء مواليك يأمرني أن أسألك عن النبيذ وأصفه لك ، فقال : أنا أصف لك ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ مسكر حرام ... » (١) وثانيتهما صحيحة صفوان الجمّال ، قال : « كنت مبتلى بالنبيذ معجباً‌

__________________

(١) الوسائل ٢٥ : ٣٣٧ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٧ ح ١.

۴۶۳