تعالى بفعل حسن وجميل ، وتنزيهه عن الظلم والقبيح ، وبالجملة فكما أن التوحيد كمال الواجب في ذاته وصفاته ، كذلك العدل كمال الواجب في أفعاله (١).
ومما ذكر في العدل من أنه صفة فعله لا صفة ذاته تعالى ، يظهر أن الحكمة بناء على أنها بمعنى إتقان الفعل واستحكامه ، أيضا من
صفات الفعل ، باعتبار اشتماله على المصلحة ، فهو تعالى حكيم في أفعاله. نعم أنها من صفات الذات بناء على أن المراد منها هو العلم والمعرفة بالأشياء ومواضعها اللائقة بها (٢).
الثاني : في استحقاق المثوبة والعقاب : ولا يخفى أن الظاهر من المصنف هو أن الإثابة على الطاعات مقتضى العدل ، والإخلال بها ظلم ، بخلاف مجازاة العاصين فإنه عبر فيه بقوله : وله أن يجازي العاصين ، وذلك لما هو المسلم عندهم من أن ترك عقاب العاصي جائز ؛ لأنه من حق المعاقب والمجازي.
وفيه أولا : أن الإثابة على الطاعات من باب التفضل دون الاستحقاق ، إذ العبد وعمله كان لمولاه ، فلا يملك شيئا حتى يستحق به الثواب عليه تعالى ، هذا مضافا إلى أن حق المولى على عبده أن ينقاد له في أوامره ونواهيه ، فلا معنى لاستحقاق العبد عليه عوضا. اللهم إلّا أن يقال : بأن الله سبحانه وتعالى ، اعتبر من باب الفضل عمل العباد ملكا لهم ، ثم بعد فرض مالكيتهم لعملهم ، جعل ما يثيبهم في مقابل عملهم ، أجرا له ، والقرآن ملئ من تعبير الأجر على ما أعطاه الله تعالى في مقابل الأعمال الصالحة ، وقد قال الله تعالى : ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ (٣) ، فبعد التفضل المذكور واعتبار مالكيتهم يستحقون الثواب بالاطاعة ، وبقية الكلام في محله (٤).
__________________
(١) سرمايه ايمان : ص ٥٧ ـ ٥٩.
(٢) راجع أنوار الهدى : ص ١١٢ ـ شرح التجريد : ص ١٨٥.
(٣) التوبة : ١١١.
(٤) راجع تعليقة المحقق الاصفهاني على الكفاية : ج ١ ص ٣٣١.