٤ ـ أن يكون عالما به وغير مجبور عليه ، ولا يحتاج إليه ، فينحصر في أن يكون فعله له تشهيا وعبثا ولهوا ، وكل هذه الصور محال على الله تعالى ، وتستلزم النقص فيه ، وهو محض الكمال فيجب أن نحكم أنه منزه عن الظلم وفعل ما هو قبيح (١).


(١) يقع الكلام في مقامات :

الأول : في أن العدل صفة فعل أو صفة ذات ، والظاهر من عبارة المصنف أنه صفة ذاته تعالى ؛ لعدّة من الصفات الثبوتية في صدر الفصل الأول من الإلهيات ، ولتصريحه هنا أيضا بأنه من الصفات الثبوتية الكمالية.

ومن المعلوم أن الصفات الفعلية منتزعة عن مقام الفعل ، وخارجة عن الذات ، ومتأخرة عنه ، فلا يمكن أن تكون من الصفات الثبوتية الكمالية ، فلزم أن يكون العدل عنده وصفا للذات ، حتى يمكن أن يكون من الصفات الثبوتية الكمالية.

ولكنه ممنوع ؛ لأن العدل الذي هو ضد الظلم محل الكلام ، وهو صفة الفعل لا صفة الذات ، فإنه بمعنى «إعطاء كل ذي حق حقه» وأما العدل بمعنى تناسب الأجزاء واستوائها واعتدالها ، فهو مضافا إلى أنه خارج عن محل الكلام ، لا يليق بجنابه تعالى ، فإنه من أوصاف المركبات ، وعليه فاللازم جعل العدل من صفات الفعل كما ذهب إليه الأكابر ، منهم العلّامة ـ قدّس الله روحه ـ حيث قال : والمراد بالعدل هو تنزيه الباري تعالى عن فعل القبيح والاخلال بالواجب (١).

نعم يكون منشأه كماله الذاتي ، كسائر صفاته الفعلية ، وإليه يؤول ما حكي عن المحقق اللاهيجي من أن المراد من العدل هو اتصاف ذات الواجب

__________________

(١) شرح الباب الحادي عشر : مبحث العدل. ص ٢٨.

۳۲۰۱