ومن قال بالتشبيه في خلقه بأن صوّر له وجها ويدا وعينا ، أو أنه ينزل إلى السماء الدنيا ، أو أنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر ، ـ أو نحو ذلك ـ فإنه بمنزلة الكافر به جاهل بحقيقة الخالق المنزه عن النقص (٢) ، بل كل ما ميزناه بأوهامنا في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا ـ على حد تعبير الإمام الباقر عليه‌السلام (٣) ـ وما أجله من تعبير حكيم! وما أبعده من مرمى علمي دقيق!


فأقسام التوحيد يستلزم بعضها بعضا كما لا يخفى. فهذه مراحل يسلكها من وحده في ذاته وأفعاله وربوبيته ، والقرآن الكريم يرشدنا في توحيده إلى هذه المراتب السامية كما لا يخفى.

(٢) لما عرفت من أن الجسمية والأجزاء عين الحاجة إلى الأجزاء والمحل وهو تعالى عين الغنى ومنزه عن خصائص الممكنات ، فمن اعتقد بإله متجسد فهو كافر بحقيقة الإله المنزه من النقص والحاجة ، وما اعتقده بعنوان الإله ليس إلّا ممكنا من الممكنات فالمجسمة والمشبهة وإن كانوا من طوائف المسلمين ولكنهم في الحقيقة من الكافرين. ثم إن من لا جسم له ولا حد له ولا مكان له وكان محيطا بكل شيء كيف يمكن أن ينزل من مكان إلى مكان آخر.

(٣) كما هو المروي في المحجة البيضاء (١) : ونحوه روايات كثيرة منها : ما عن الرضا ـ عليه‌السلام ـ في قول الله عزوجل : ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ قال : «لا تدركه أوهام القلوب فكيف تدركه أبصار العيون» (٢) ومنها : ما روي عن الرضا ـ عليه‌السلام ـ انه قال في توصيفه تعالى : «هو أجل من أن

__________________

(١) المحجة البيضاء : ج ١ ص ٢١٩.

(٢) بحار الأنوار : ج ٤ ص ٢٩.

۳۲۰۱