التحدي ، كما انه إن كانت الدعوى متحققة ، ولكن خارق العادة لا يكون مطابقا لما ادعاه ، فلا اعجاز ، لأنه حينئذ يكون شاهد كذب المدعى ، كما حكي في المسيلمة الكذاب ، حيث إنه أراد ازدياد ماء البئر ليكون معجزا على دعواه ، فتفل فيه فصار ماؤه غائرا.
ثم إن المراد من اشتراط التحدي ، هو أن يكون المعجز عقيب دعوى النبي ومطالبته للمقابلة ، أو الجاري مجرى ذلك ، ونعني بالجاري مجرى ذلك هو أن يظهر دعوة النبي بحيث لا يحتاج إلى اعادتها ، بل يكتفى فيه بقرائن الأحوال كما صرح به العلّامة المجلسي ـ رحمهالله ـ حيث قال : «ومن جملة الشرائط هو أن يكون مقرونا بالتحدي ولا يشترط التصريح ، بل يكفي قرائن الاحوال».
ثم علم مما ذكر ، خروج ما يظهر من السحرة ، من حقيقة الاعجاز ، فإن تلك الامور ليست بخارقة للعادات ، فإن لها أسبابا خاصة خفية يمكن تعلمها وسلوكها بحسب العادة ، كما يشهد له وجود السحرة وأهل الشعبدة في كل عصر وزمان كما لا يخفى.
وهكذا خرج عن التعريف ما قد يرى من الكهنة أو المرتاضين فإن تحصيل ذلك بالرياضة ونحوها ممكن عادة ، ولذا يكون معارضتهم في كل عصر وزمان ممكنة.
فهذه الامور خارجة بنفسها عن التعريف ، فلا حاجة إلى اضافة قيد آخر للاحتراز عنها كما زعمه بعض المحققين ، وزاد في التعريف قيودا اخرى لا يحتاج إليها ، حيث قال : «إن المعجزة هو فعل على خلاف مجاري العادة والطبيعة ، متكئا على قدرته تعالى ، وطريق معرفتها هو العلم بأنه لا يكون صادرا من جهة التعلم والتعليم ، ولا يصير مغلوبا عن ناحية اخرى» فإنه بعد تحقق العلم بكون ما يظهر منه خارقا للعادة ، لا حاجة إلى القيد الأخير في كلامه «وطريق معرفتها هو العلم بأنه لا يكون صادرا من جهة التعلم ، الخ» إذ هو بالعلم بكونه خارق