لأنه غني مطلق.
ثم انه لا يلزم أن تكون المصالح في الأفعال المأمور بها ، بل يكفي وجودها في نفس التكاليف ضرورة كفاية وجودها في التكاليف ؛ لحسنها ورفع العبث والجزاف.
بقي شيء ، وهو أن أفعاله تعالى سواء كانت تكوينية أو تشريعية ناشئة عن كماله المطلق ، وليست لاستكمال ذاته تعالى ؛ لأنه غني مطلق ، ولا يحتاج إلى شيء ، ولذلك ذهبوا إلى أن العلة الغائية متحدة مع العلة الفاعلية فيه تعالى ، إذ لا غاية وراء ذاته تعالى ، ولا ينافي ذلك أن للافعال غاية أو غايات متوسطة ونهائية ؛ لانها غاية الفعل لا غاية الفاعل. قال العلّامة الطباطبائي ـ قدسسره ـ : «وبالجملة فعلمه تعالى في ذاته بنظام الخير غاية لفاعليته التي هي عين الذات» (١).
وينقدح مما ذكر ما في كلام الأشاعرة من أن أفعاله تعالى يستحيل تعليلها بالاغراض والمقاصد ، فإن كل فاعل لغرض وقصد ، فإنه ناقص بذاته ، مستكمل بذلك الغرض والله تعالى يستحيل عليه النقصان (٢) وذلك لما عرفت من أن الغاية في فاعليته تعالى ، ليست إلّا ذاته وصفاته ، فذاته لذاته منشأ للافاضة ، ومن المعلوم أن تعليل أفعاله بذاته ، لا يستلزم النقصان ، حتى يستحيل ، بل هو حاك عن كمال ذاته ، ولعل إليه يؤول ما قاله العلّامة الطباطبائي ـ قدسسره ـ :
من أنه ليس من لوازم وجود الغاية حاجة الفاعل إليها ؛ لجواز كونها عين الفاعل (٣).
وينقدح أيضا مما ذكر ضعف ما ذهب إليه المعتزلة وبعض المتكلمين من
__________________
(١) راجع نهاية الحكمة : ص ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) شرح تجريد الاعتقاد : ص ٣٠٦ الطبعة الحديثة.
(٣) راجع نهاية الحكمة : ص ١٦٣.