ما نسب إلى بعض الأنبياء والأولياء من أنهم ربما أخبروا بوقوع شيء ثم انكشف الخلاف ، ولكن هذه الأخبار معارضة مع قاعدة اللطف ، فإن الإخبار الجزمي مع انكشاف الخلاف ، يوجب سلب الاعتماد ، هذا مضافا إلى معارضتها مع الأخبار الاخر أيضا ، كما روي عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ يقول : «العلم علمان : علم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وعلم علمه ملائكته ورسله ، فأما ما علم ملائكته ورسله ، فإنه سيكون ، لا يكذب نفسه ، ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون يقدم فيه ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويثبت ما يشاء» (١).
وما روي عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ : «إنّ لله علمين : علم مكنون مخزون ، لا يعلمه إلّا هو ، من ذلك يكون البداء ، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه» (٢).
فليحمل تلك الاخبار على أن أخبار الأنبياء ليس على الجزم والبت ، كما حكي عن الشيخ الطوسي ، وجعله الفاضل الشعراني حاسما لمادة الاشكال (٣) ، إذ الإخبار اذا لم يكن عن جزم ، بل على ما تقتضيه المقتضيات ، فتخلفه لا يوجب سلب الاعتماد ، خصوصا إذا كان الإخبار وانكشاف الخلاف مقرونا بتبيين وجه أوجب تغيير المقتضيات ، وأما التفصيل بين الوحي والالهام بوقوع البداء في الثاني دون الأول ، كما في البحار ، أو القول بوقوع البداء في كلام الأنبياء نادرا ، كما في البحار أيضا (٤) ففيه أنه ينافي أيضا قاعدة
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤ ص ١١٣.
(٢) الاصول من الكافي : ج ١ ص ١٤٧.
(٣) شرح الاصول من الكافي للمولى صالح المازندراني : ج ٤ ص ٣٣١.
(٤) بحار الأنوار : ج ٤ ص ١٣٣ ، وشرح الاصول من الكافي ج ٤ للمولى صالح المازندراني ذيل الصفحة ٣٣٠ ـ ٣٣١.