محذور فيه لوساطة القدرة والاختيار ، فيجمع بين القضاء الحتم واختيارية الأفعال ، بكون القضاء الحتم متعلقا بوجود القدرة والاختيار في العباد ، فالعبد المختار مع وجوده وكونه مختارا ، ممكن معلول محتاج إليه تعالى ، ولو كان العبد مضطرا ومجبورا ، تخلف قضاؤه الحتم في وجود العبد المختار كما لا يخفى.
الرابع : في تأكيد الايمان بالقضاء والقدر ، وقد ورد في ذلك روايات :
منها : ما عن الخصال عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «أربعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، عاق ومنّان ومكذّب بالقدر ومدمن خمر» (١).
ومنها : ما في البحار عن العالم ـ عليهالسلام ـ أنه قال : «لا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه» (٢).
ومنها : ما عن تحف العقول عن أبي محمّد الحسن بن علي ـ عليهماالسلام ـ «أما بعد ، فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره ، أن الله يعلمه فقد كفر ، الحديث» (٣).
ومنها : ما عن الخصال بطرق مختلفة عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ من أن المكذب بقدر الله ممن لعنهم الله وكل نبي مجاب (٤).
وبالجملة الإيمان بالقضاء والقدر من مقتضيات الايمان بصفاته الذاتي وتوحيده الأفعالي ، وعليه فلا بد من الايمان به.
ثم إن الايمان بالقضاء والقدر يوجب أن ينظر الإنسان إلى كل ما قدره الله وقضاه ، بنظر الحكمة والمصلحة ، إذ القدر والقضاء من أفعاله ، ولا يصدر منه شيء إلّا بالحكمة والمصلحة ، وإن لم يظهر وجهها لأحد ، فإذا أراد الله الصحة لأحد كانت هي مصلحته ، وإذا أراد لآخر المرض كان هو مصلحته ، وهكذا
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥ ص ٨٧.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥ ص ٥٤.
(٣) بحار الأنوار : ج ٥ ص ٤٠.
(٤) بحار الأنوار : ج ٥ ص ٨٨.