لم يوجد ، وإذا لم ينسب إليها كان له الامكان ، سواء اخذ في نفسه ولم ينسب إلى شيء ، كالماهية الممكنة في ذاتها ، أو نسب إلى بعض أجزاء علته التامة ، فإنه لو أوجب ضرورته ووجوبه كان علة له تامة ، والمفروض خلافه.
ولما كانت الضرورة هي تعين أحد الطرفين ، وخروج الشيء عن الابهام ، كانت الضرورة المنبسطة على سلسلة الممكنات ، من حيث انتسابها إلى الواجب تعالى الموجب لكل منها في ظرفه الذي يخصه ، قضاء عاما منه تعالى ، كما أن الضرورة الخاصة بكل واحد منها ، قضاء خاص به منه ، إذ لا نعني بالقضاء إلّا فصل الأمر ، وتعينه عن الابهام والتردد ، ومن هنا يظهر أن القضاء من صفاته الفعلية وهو منتزع من الفعل ، من جهة نسبته إلى علته التامة الموجبة له» (١) فالشيء قبل وقوعه له تقديرات مختلفة ، ثم يتعين منها واحد ووقع عليه وقضى أمره لو لم يمنع عنه مانع ، فكل شيء واقع في الخارج مقدر وقضاء إلهي ، فمثل النطفة تقديرها أن تتكامل إلى الإنسانية أو أن تتساقط قبل تكاملها إن حدث مانع وعائق ، فكل واحد من التقديرات إذا تعين ، وقع عليه وقضى أمره ، وهكذا.
ثم المستفاد من ذكر القضاء والقدر هنا أنه عند المصنف من الصفات الفعلية ، ومن ذلك ما روي عن جميل عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ أنه قال : «سألته عن القضاء والقدر ، فقال : هما خلقان من خلق الله والله يزيد في الخلق ما يشاء» (٢) ومن المعلوم أن ما يقبل الزيادة هو الفعل لا العلم الذاتي كما لا يخفى.
الثالث : أن القضاء والقدر سواء كان من الصفات الذاتية أو الصفات الفعلية ، يعم أفعال العباد ، كما عرفت في البحث عن الجبر والتفويض ، ولا
__________________
(١) الميزان : ج ١٣ ص ٧٦.
(٢) بحار الأنوار : ج ٥ ص ١٢٠.