فقد قال إمامنا الصادق ـ عليهالسلام ـ لبيان الطريق الوسط كلمته المشهورة : «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الأمرين» (٤).
التوحيد ، إذ هذا المنطق الخاص لم يطابق المنطق الرائج في ذلك العصر ، بل لم يطابق مع منطق القرون والعصور العديدة التي كانت بعد ذلك العصر ، وصار علم الكلام والمنطق والفلسفة رائجا فيها ؛ لأن هذا المنطق الخاص كان فوق مستوى المسائل الكلامية والعقلية الرائجة فيها.
ومن جملة هذه المسائل مسألة القضاء والقدر والجبر والاختيار ، وهذا يدل على أن القرآن الكريم كتاب وحي نزل من الله تعالى على رسوله ، وأن من خوطب به أدرك كمال الادراك ما خوطب به ، وشهده في مستوى آخر ، ويدل عليه أن أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ كانوا يعرفون القرآن بنحو آخر غير ما جرت به العادة ، ولذا بينوا الحقائق بأتقن بيان وأحسن اسلوب وارشدوا الناس إلى الحقائق الإلهية عند تحير الآخرين» (١).
(٤) وسأل الراوي في ذيل الحديث المذكور في المتن بقوله قال : قلت : وما أمر بين أمرين قال : مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت الذي أمرته بالمعصية (٢) ـ ولا بأس بذكر بعض الاخبار الواردة تتميما للفائدة.
منها : ما رواه الصدوق ـ عليه الرحمة ـ عن أبي الحسن الرضا ـ عليهالسلام ـ أنه ذكر عنده الجبر والتفويض ، فقال : «ألا اعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلّا كسرتموه؟ قلنا : إن رأيت ذلك ، فقال : إن الله عزوجل لم يطع باكراه ، ولم يعص بغلبة ، ولم يهمل العباد في ملكه. هو
__________________
(١) انسان وسرنوشت : ص ١٠٢.
(٢) الاصول من الكافي : ج ١ ص ١٦٠.