عاقبتهم ، وان علم. أنهم لا يطيعونه ؛ لان ذلك لطف ورحمة بعباده ، وهم يجهلون أكثر مصالحهم ، وطرقها في الدنيا والآخرة ، ويجهلون الكثير مما يعود عليهم بالضرر والخسران.

والله تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته ، وهو من كماله المطلق ، الذي هو عين ذاته ، ويستحيل أن ينفك عنه (٣).


(٣) أراد بذلك ـ أي قوله : ويستحيل أن ينفك عنه ـ بيان معنى وجوب اللطف الذي هو الكبرى الكلية لتكليف العباد بما فيه الصلاح وغيره مما يكون مصداقا للطف والرحمة ، وحاصله كما سيصرح به في الفصل الثاني من الكتاب ، أن معنى الوجوب في ذلك هو كمعنى الوجوب في قولك : إنه واجب الوجود (أي اللزوم واستحالة الانفكاك) وليس معناه أن أحدا يأمره بذلك ، فيجب عليه أن يطيعه ـ تعالى عن ذلك ـ فإنه لا يناسب علو مقامه ، وذلك لأن اللطف وهو الرحمانية والرحيمية بالعباد ، ناش عن كماله المطلق ، الذي هو عين ذاته ، ولا ينفك عنه ، ولا حاجة إلى وراء ذاته في إفاضة اللطف إلى غيره ، فاذا كان المحل قابلا ومستعدا لفيض الجود واللطف ، فمقتضى كونه كمالا مطلقا هو لزوم إفاضة ذلك ، إذ لا بخل في ساحة رحمته ولا نقص في وجوده وكرمه ، ولا جهل له بالمستحق ، هذا ، مع أن المحل قابل الاستفاضة ، وبهذا الاعتبار نقول : إن اللطف واجب لا باعتبار أنه محكوم بحكم أحد من خلقه.

وعليه فيؤول وجوب اللطف إلى لزومه ، واستحالة انفكاكه ، كما صرح به المصنف هنا ، وأما ما ذهب إليه العلّامة الحلي ـ قدس‌سره ـ من أنه لا نعني بوجوبه عليه ، حكم غيره عليه ، بل وجوب صدوره منه نظرا إلى حكمته ، وقد

۳۲۰۱