والاستدلال كما لا يخفى (١). نعم من نظر واستدل واهتدى إلى الطريق المستقيم امكن له الكشف والشهود بالاجتهاد في العبادة ومراحل الإخلاص فلا تغفل.
ثمّ إنه هل يتحقق الواجب المذكور بتحصيل العلم ولو من التقليد أم لا يكفي إلّا ما يكون مستندا إلى الدليل؟ ذهب العلّامة (٢) والحكيم المتأله المولى محمّد مهدي النراقي وغيرهما إلى لزوم كون المعرفة عن دليل فلا يكفي العلم الحاصل من التقليد (٣).
وأورد عليه المحقق الخوانساري بأن من حصل له العلم من التقليد محكوم بالإسلام وإن عصى في ترك تحصيل المعرفة من الدليل (٤) وظاهره لزوم كون التحصيل من الدليل ، لكن لو عصى كفى في كونه محكوما بالإسلام.
وأنكر الشيخ الأعظم الأنصاري ـ قدسسره ـ لزوم كونه من الدليل ، بل قال ما حاصله : إن مقصود المجمعين هو وجوب معرفة الله لا اعتبار أن تكون المعرفة حاصلة عن النظر والاستدلال كما هو المصرّح به عن بعض والمحكي عن آخرين باعتبار العلم ولو حصل من التقليد (٥).
فالأقوى كما ذهب إليه الشيخ ـ قدسسره ـ هو كفاية الجزم ولو حصل من التقليد فلا دليل على لزوم الزائد عليه.
ثمّ لا يخفى أن المخاطب بوجوب تحصيل المعرفة هو الذي لم يعلم بالمبدإ والمعاد وأما الذين عرفوهما ولو بأدنى مرتبة المعرفة كالموحدين والمؤمنين فلا يكونون من المخاطبين بهذا الوجوب ؛ لأن طلب المعرفة منهم تحصيل الحاصل ،
__________________
(١) راجع قواعد المرام : ص ٣٠ وغيره من الكتب.
(٢) راجع الباب الحادي عشر.
(٣) أنيس الموحدين : ص ٣٩.
(٤) راجع مبدأ ومعاد : ص ١١.
(٥) راجع فرائد الاصول : ص ١٦٩ و ١٧٥.