يكون شرا ؛ لأنه اعتبار عقلي ليس من وقوع الشر في شيء ، هذا مضافا إلى أنه لا اقتضاء للماهية بالنسبة إلى الوجود والعدم بخلاف عدم زيد بعد وجوده فإنه شر كما مرّ ، وهكذا لا يكون شرا عدم شيء مأخوذ بالنسبة إلى شيء آخر ، كفقدان الماهيات الإمكانية كمال الوجود الواجبي ، وكفقدان كل ماهية وجود الماهية الاخرى الخاص بها مثل فقدان النبات وجود الحيوان ، وفقدان البقر وجود الفرس ؛ لأن هذا النوع من العدم من لوازم الماهية وهي اعتبارية غير مجعولة (١).
وحيث ظهر أن كل فقدان ليس بشر ، بل فقدان ما من شأنه أن يكون له ، ففقدان كل مجرد تام موجود بالنسبة إلى مجرد أعلى منه أو بالنسبة إلى مجرد آخر يكون في عرضه أو فقدان كل موجود بالنسبة إلى مرتبة اخرى ليست من شأنه لا يكون شرا أيضا اذ ليس له شأنية ذلك الوجود حتى يكون فقدانه شرا (٢).
هذا كله بالنسبة إلى الاعدام والفقدان.
وأما وجود كل شيء وكماله فهو خير له ، فانه فعلية ماله شأنيته وقابليته والخير الحقيقي للشيء الذي يعبر عنه بالخير النفسي هو وجوده في نفسه وكمال وجوده بما هو وجوده ، فكل وجود فهو خير بذاته لان حيثيته حيثية طرد العدم ورفع القوة والوجود نقل موجود عين المطلوبية والمحبوبية.
ثم اعلم أنه لا يطلق الشر على الوجود إلّا باعتبار أدائه إلى عدم الوجود مما له شأن الوجود ، أو لعدم كمال الوجود ، مما له شأنية ذلك كالبرودة المفرطة والحرارة الشديدة المفسدتين للشجر أو ثمره أو كالقتل الموجب لفناء موجود ذي حياة وهذا الاعتبار إضافي وليس بحقيقي ؛ لأن الشر بالذات هو فقدان الوجود أو
__________________
الاعتقاد : ص ٢٩ و ٣٠٠ الطبع الجديد ، ونهاية الحكمة : ص ٢٧٢.
(١) شرح الإشارات والتنبيهات : ج ٣ ص ٣٢٠.
(٢) راجع آموزش فلسفة : ج ٢ ص ٤٢٤.