غير أن بعض المسلمين (٢) جوز عليه تعالى فعل القبيح تقدست أسماؤه فجوز أن يعاقب المطيعين ، ويدخل الجنة العاصين بل الكافرين ،
إلى ما أشار إليه الاستاذ الشهيد المطهري ـ قدسسره ـ من أن الحكماء يعتقدون بأنه تعالى عادل في أفعاله ، ولكن لا يستندون فيه إلى قاعدة الحسن والقبح التي يكون فيها نوع من تعيين التكليف والوظيفة لله تعالى (١) وإن أمكن أن يقال :
إن معنى الوجوب العقلي في أمثال القاعدة ليس إلّا ادراك العقل للضرورة ، كضرورة ثبوت الحسن لعنوان العدل ، أو ثبوت القبح لعنوان الظلم ؛ لكون العنوانين علة تامة لهما ، وكشف المناسبات ، كما مرت الإشارة إليه سابقا ، فالقاعدة لا تشتمل على التكليف والوظيفة حتى لا يليق تعيين التكليف بالنسبة إليه تعالى ، ولعل إليه يشير ما في شرح الأسماء الحسنى ، حيث قال : فإذا اعترفتم بعقلية حسن الإحسان وممدوحية فاعله عند العقل بمعنى صفة الكمال أو موافقة الغرض ، لزمكم الاعتراف بعقليته بمعنى ممدوحية فاعله عند الله ، إذ كل ما هو ممدوح أو مذموم عند العقل الصحيح بالضرورة أو بالبرهان الصحيح فهو ممدوح ، أو مذموم في نفس الأمر ، وإلّا لتعطل العقل ، ولتطرق الطريقة السوفسطائية ، وكل ما هو ممدوح أو مذموم في نفس الأمر فهو ممدوح أو مذموم عند الله ، وإلّا لزم جهله بما في نفس الأمر ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا (٢).
فما أدركه العقل من حسن العدل وقبح الظلم وممدوحية فاعل الأول ومذمومية فاعل الثاني معلوم للحق المتعال ومن المعلوم أنه تعالى لا يفعل إلّا على ما اقتضاه علمه ، فلا يفعل القبيح ولا يترك الحسن.
(٢) هم الأشاعرة الذين خالفوا مع المعتزلة في مسائل ، منها : مسألة
__________________
(١) كتاب عدل إلهى : ص ١٠.
(٢) شرح الأسماء الحسنى : ص ١٠٧.