ويعتبر فيه الطهارة (١)


ولكن الاستدلال بها أيضاً غير تام ، لأن إطلاق الموثقة وإن لم يكن قابلاً للإنكار لما تقدّم من أنها تشمل الإذهاب بكل من الغسل والمسح ولا فرق في ذلك بين الحجر وغيره إلاّ أن إطلاقها لا يشمل الأصابع ، لأنها بصدد بيان ما اعتبر في الوضوء ومقدماته ، ومن الظاهر أن طهارة الأصابع أولى بالاشتراط من غيرها ، لأنها من مواضع الوضوء وبالاستنجاء بها يتنجّس بالعذرة لا محالة ، ومعه يبطل الوضوء. على أنها بظاهرها اعتبرت طهارة الذكر وموضع الغائط في الوضوء فكيف لا تعتبر الطهارة في أعضاء الوضوء ، إذن لا يمكن أن يراد من إذهاب الغائط ما يعم الاستنجاء بالأصابع. نعم إطلاقها بالإضافة إلى غير الأصابع مما لا خدشة فيه.

فالصحيح أن الاستنجاء بكل جسم قالع للنجاسة كاف في طهارة المحل عدا الأصابع كما عرفت.

(١) قد يفرض الكلام في الاستنجاء بالأعيان النجسة أو المتنجِّسة فيما إذا أصابت المحل وهو رطب ، وأُخرى في الاستنجاء بها إذا لم تصب المحل أو أصابته وهو يابس.

أما إذا كان المحل رطباً ، فلا شبهة في أن الاستنجاء بغير الأجسام الطاهرة لا يكفي في طهارته ، لوضوح أن النجس أو المتنجِّس حينئذ ينجسان الموضع بملاقاتهما فلا يكون التمسح بها موجباً للطهارة ، بل يسقط المحل بذلك عن كونه قابلاً للطهارة بالاستجمار ، بحيث لو تمسح بعد ذلك بالأجسام الطاهرة لم يحكم بطهارته ، والوجه فيه أن المحل إذا تنجس بغير النجاسة الخارجة من نفسه لم تشمله الأدلّة الواردة في الاستجمار ، لاختصاصها بما إذا تنجس بالغائط الخارج منه كما أشار إليه الماتن قدس‌سره.

ودعوى أن المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ، مندفعة بأن الملاقي للمتنجِّس إذا كان له أثر مغاير لأثر المتنجِّس ، فبمقتضى إطلاق أدلته يرتب ذلك الأثر عليه وإن قلنا بأن المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ، مثلاً إذا دلّ الدليل على أن ما لاقاه بول يجب أن يغسل مرّتين وفرضنا أنه لاقى متنجساً تكفي فيه الغسلة الواحدة وجب غسل المتنجِّس‌

۵۰۹