ويندفع بأن السنّة في قبال الفريضة ، فالمراد بها ما ثبت وجوبه وتشريعه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أن الفريضة هي ما أوجبه الله سبحانه في كتابه. واستعمال السنة بالمعنى المذكور أمر شائع في الأخبار ، فإذا قيل : الركعتان الأخيرتان سنتان في الصلاة ، لا يراد منها استحبابهما وهذا ظاهر.

الثالث : أن التقييد في الصحيحة بالثلاث إنما ورد مورد الغالب ، لعدم حصول النقاء غالباً بالمسح بأقل من ثلاث مرات ، ولا مفهوم للقيد إذا كان وارداً مورد الغالب كما في قوله عزّ من قائل ﴿ وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ (١).

وهذه المناقشة يرد عليها أمران :

أحدهما : منع الكبرى المدعاة ، لأن الإتيان بأي قيد في الكلام ظاهره أن للمتكلم عناية خاصّة به وهو يقتضي المفهوم لا محالة ، ورد في مورد الغالب أو غيره ، لأن الغلبة غير مانعة عما ندعيه من الظهور ، وأما عدم التزامنا بمفهوم القيد في الآية المباركة فهو مستند إلى الأدلّة الدالّة على أن حرمة الربائب لا تختص بما إذا كانت في الحجور ولو لا تلك الأدلّة لالتزمنا بمفهومه كما التزمنا به في قوله : دخلتم بهن. مع أن كون المرأة المزوجة مدخولاً بها أمر غالبي وقلّما يتفق عدم الدخول بها.

وثانيهما : أن القيد الوارد مورد الغالب لو سلمنا عدم دلالته على الاختصاص فلا ينطبق ذلك على المقام لعدم كونه من هذا القبيل ، وذلك لأن حصول النقاء بالتمسح بثلاثة أحجار ليس بغالبي فإنّه كما يحصل بالثلاثة كذلك يحصل بالأربعة والخمسة نعم لا يحصل النقاء بالمرة الأُولى والثانية غالباً ، لا أن حصوله غالبي في الثلاثة ، فلو كانت العبارة هكذا : لا يجتزأ بالمرة الأُولى والثانية ، لكان للقول بأن التقييد بهما مستند إلى الغلبة وجه صحيح. وأما في مثل قوله عليه‌السلام يجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار فلا ، لعدم الغلبة في الثلاثة كما عرفت.

إذن فما ذهب إليه المشهور من اشتراط أن يكون التمسح بثلاثة أحجار هو الصحيح.

__________________

(١) النساء ٤ : ٢٣.

۵۰۹