ولو دار أمره بين أحدهما وترك الستر مع وجود الناظر وجب الستر (١) ولو‌


بحرمة استقبال القبلة واستدبارها إن كان هو الأخبار ، فمقتضى إطلاقها عدم الفرق في حرمتهما بين الاضطرار وغيره ، ومعه تندرج المسألة في كبرى التزاحم ، لعدم قدرته على امتثال التكليفين مع الاضطرار إلى ترك أحدهما ، فيرجع إلى مرجحات المتزاحمين ، وحيث إن الحرمة في استقبال القبلة محتملة الأهمية دون الحرمة في استدبارها ، فلا مناص من تقديمها وبذلك يتعيّن عليه الاستدبار ويكون الاحتياط به وجوبياً حينئذ.

وأما إذا كان المدرك هو التسالم والإجماع كما قربناه ، اندرجت المسألة في دوران الأمر بين التعيين والتخيير بحسب الجعل ، وذلك لأن الإجماع والتسالم إنما يوجبان حرمة استقبال القبلة واستدبارها في الجملة ، ولا يسببان حرمتهما على نحو الإطلاق حتى في موارد عدم التمكن من كليهما ، وبما أن المكلف قد عجز عن أحدهما فلا يحتمل حرمتهما في حقه معاً ، فالحرمة في حال الاضطرار إما أنها مجعولة في خصوص استقبال القبلة لاحتمال كونها أهم أو أنها جعلت لاستقبالها واستدبارها مخيراً ، وقد أسلفنا في محله أن مقتضى الأصل النافي للتعيّن هو التخيير (١) ومعه يكون الاحتياط بالاستدبار احتياطاً ندبياً لا محالة.

(١) كما إذا كان في غير القبلة ودبرها ناظر محترم لا يمكن التستر عنه ، فإن أمره يدور بين ترك استقبال القبلة واستدبارها والبول من دون تستر ، وبين البول مستقبلاً لها أو مستدبراً ، ولا إشكال في وجوب التستر حينئذ ، بلا فرق في ذلك بين كون المدرك هو الأخبار وكونه التسالم والإجماع ، فإنّه وقتئذ بحث علمي لا نتيجة عملية له. فان المدرك لو كان هو الأخبار وقعت المزاحمة بين حرمتهما وحرمة كشف العورة وحيث إن الثانية أهم بالارتكاز فتتقدم على حرمتهما ، ويجوز للمكلف أن يبول مستقبل القبلة أو مستدبراً لها.

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤٤٨.

۵۰۹