الخضر والرصاص أعني الحنتم هو عدم كونه منهياً عنه في كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنما زيد من قبلهم لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وزدتم أنتم الحنتم.

وهذه الرواية وإن كانت صحيحة سنداً إلاّ أنها غير تامة الدلالة على المراد ، وذلك لأن المزفت بل الدباء مما لا يصل الماء إلى جوفه فأين هذا من الأواني التي تنفذ الخمر في باطنها ، ولعل النهي عن استعمال تلك الظروف مستند إلى ملاك آخر غير كونها ظروف خمر ، ككونها موجبة لبعض الأمراض أو غير ذلك من الملاكات. على أنها معارضة بما دلّ على طهارة ظروف الخمر بالغسل كما قدّمناه في محلِّه (١).

ورواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كل مسكر فكل مسكر حرام قلت : فالظروف التي يصنع فيها منه؟ قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير ، قلت : وما ذلك؟ قال : الدباء : القرع ، والمزفت : الدنان ، والحنتم : جرار خضر ، والنقير : خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها » (٢) وهذه الرواية مضافاً إلى قصورها سنداً لعدم توثيق أبي الربيع وإن لم يبعد تشيّعه لا دلالة لها على المدعى لأن الأواني المذكورة فيها ليست مما تنفذ الخمر في أعماقه لصلابتها. على أنها تنافي الصحيحة المتقدِّمة لأنها نفت البأس عن الحنتم كما عرفت ، كما أنها تعارض الأخبار الدالّة على طهارة ظروف الخمر كغيرها بالغسل.

فالمتحصل أن الروايتين لا دلالة لهما على المنع عن استعمال أواني الخمر غير الصلبة تحريماً ولا كراهة ، وعلى تقدير التنازل نلتزم بالكراهة في مورد الروايتين ولا يمكننا التعدي عنه إلى بقية الظروف ، أو نلتزم باستحباب الترك في مورد الرواية بناء على القول بالتسامح في أدلة السنن. نعم لا مانع من الاحتياط بالترك في أواني الخمر مطلقاً خروجاً عن شبهة الخلاف.

__________________

(١) في ص ٤٨.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٩٦ / أبواب النجاسات ب ٥٢ ح ٢.

۵۰۹