بعد تطهير ظاهرها داخلاً وخارجاً ، بل داخلاً فقط. نعم يكره استعمال ما نفذ الخمر إلى باطنه إلاّ إذا غسل على وجه يطهر باطنه أيضاً.


ويرد على ذلك أولاً : أن هذا لا اختصاص له بأواني الخمر بوجه ، لأنه لو تمّ لعمّ الأواني الملاقية للبول والماء المتنجِّس وغيرهما من المائعات النجسة أو المتنجسة لأنها أيضاً تنفذ في أعماقها ولا يصلها الماء حال تطهيرها.

وثانياً : قدّمنا في البحث عن المطهرات أن أواني الخمر قابلة للطهارة حتى أعماقها بجعلها في الكر أو الجاري إلى أن ينفذ الماء في جوفها.

وثالثاً : أن نجاسة باطنها وعدم قبوله التطهير لو سلم لا يمنعان عن الحكم بطهارة ظاهرها بغسله ، فلو غسلنا ظاهرها من الداخل حكم بطهارته وإن كان باطنها نجساً ، هذا ولكن المعروف بينهم كراهة استعمال ما نفذ فيه الخمر كما أشار إليه الماتن بقوله : نعم يكره ....

وبصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن نبيذ قد سكن غليانه إلى أن قال ـ : وسألته عن الظروف؟ فقال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الدباء والمزفت ، وزدتم أنتم الحنتم يعني الغضار والمزفت يعني الزفت الذي يكون في الزق ويصب في الخوابي ليكون أجود للخمر ، قال : وسألته عن الجرار الخضر والرصاص؟ فقال : لا بأس بها » (١) والدباء هو الظروف المصطنعة من القرع ، والمزفت من الأوعية هو الإناء الذي طلي بالزفت وهو القير والحنتم هي الجرار الصلبة المصنوعة من الخزف وقد يعبّر عنها بالجرار الخضر (٢) وفي بعض العبائر « الحتم » وهو غلط. والوجه في نفيه عليه‌السلام البأس عن الجرار‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٩٥ / أبواب النجاسات ب ٥٢ ح ١.

(٢) وأما الرصاص فلم نعثر على تفسيره فيما يحضرنا بالفعل من كتب الحديث واللغة ، ولعل المراد به هو الحنتم ، وإنما أُطلق عليه لاستحكامه وتداخل أجزائه ومنه قوله عزّ من قائل ﴿ كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ الصف ٦١ : ٤.

۵۰۹