النجس هو العين الموجودة في الباطن ، أو على جسد الحيوان. وعلى هذا فلا وجه لعدّه من المطهِّرات. وهذا الوجه قريب جدّاً (*).

وممّا يترتّب على الوجهين أنه لو كان في فمه شي‌ء من الدم فريقه نجس ما دام الدم موجوداً على الوجه الأول ، فإذا لاقى شيئاً نجّسه ، بخلافه على الوجه الثاني فإن الريق طاهر والنجس هو الدم فقط ، فإن أدخل إصبعه مثلاً في فمه ، ولم يلاق الدم لم ينجس ، وإن لاقى الدم ينجس إذا قلنا بأن ملاقاة النجس في الباطن أيضاً موجبة للتنجس ، وإلاّ فلا ينجس أصلاً إلاّ إذا أخرجه وهو ملوث بالدم.


أما البواطن ما دون الحلق فلا ينبغي الإشكال في عدم تنجسها بملاقاة النجاسة ، بل ولا ثمرة للبحث في أنها تتنجس وتطهر بزوال العين عنها أو لا تتنجس من الابتداء للقطع بصحة الصلاة ممن أكل طعاماً متنجساً أو شرب ماء كذلك أو الخمر وهي موجودة في بطنه ، فالنزاع في ذلك لغو لا أثر له. وأما العموم المستفاد من موثقة عمار المتقدِّمة (٢) فهو منصرف عن هذا القسم من البواطن جزماً ولا يتوهم شمولها لغسل البواطن بوجه.

وأما البواطن ما فوق الحلق كباطن الفم والأنف والعين والأُذن ، فان كانت النجاسة الملاقية لها من النجاسات المتكونة في الباطن كملاقاة باطن الأنف بدم الرعاف ، فلا شبهة في عدم تنجسها بذلك لما ورد في موثقة عمار الساباطي قال : « سُئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل يسيل من أنفه الدم ، هل عليه أن يغسل باطنه يعني جوف الأنف؟ فقال : إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه » (٣) وهي تخصص العموم المستفاد من موثقة عمار المتقدِّمة ، لأنها تقتضي وجوب الغسل حتى إذا كان الملاقي من البواطن فوق الحلق ، وبهذه الموثقة يرتفع الأمر بالغسل في البواطن المذكورة ، ومع ارتفاعه لا يبقى دليل على نجاسة داخل الأنف وأمثاله من البواطن ، لأن‌

__________________

(*) بل هو بعيد ، نعم هو قريب بالإضافة إلى ما دون الحلق.

(١) المتقدِّمة في ص ٢١٩.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٣٨ / أبواب النجاسات ب ٢٤ ح ٥.

۵۰۹