وكذا زوال عين النجاسة أو المتنجِّس عن بواطن الإنسان كفمه وأنفه وأُذنه. فإذا أكل طعاماً نجساً يطهر فمه بمجرّد بلعه. هذا إذا قلنا إن البواطن تتنجس بملاقاة النجاسة ، وكذا جسد الحيوان. ولكن يمكن أن يقال بعدم تنجسهما أصلاً (١) ، وإنّما‌


والرؤية وإن كانت موجبة للعلم بالحاسة الخاصة أعني الابصار ، إلاّ أن هذه الخصوصية ملغاة للقطع بعدم الفرق بين العلم الحاصل بالإبصار والعلم الحاصل بغيره ، وعليه فالرواية تدل على نجاسة منقار الطيور والماء الملاقي معه عند العلم بها وأما مع الشك في نجاسته فهو وما لاقاه محكوم بالطهارة ، فهذه الثمرة ساقطة.

نعم ، لا بأس بجعل ما قدمناه ثمرة للنزاع ، وهو ما إذا أصابت الحيوان نجاسة وجفت ولم تزل عنه عينها ثم ذبح فإنّه على القول بعدم تنجس الحيوان أصلاً لا بدّ من الحكم بطهارته ، لأن العين حال رطوبتها لم توجب نجاسته لفرض أن الحيوان لا يتنجّس بها ، وأما بعد ذبحه وخروجه عن كونه حيواناً فلأنه لم تصبه عين رطبة حتى يحكم بنجاسته. وأما على القول بتنجس الحيوان بالملاقاة وطهارته بزوال العين عنه فالحيوان المذبوح محكوم بالنجاسة ولا يكفي زوال العين في طهارته ، لأن كونه مطهراً يختص بالحيوان والمفروض خروجه عن كونه حيواناً ، فلا مناص من تطهيره بالغسل.

ثم إن ما دلّ على إناطة الحكم بالنجاسة بالعلم بها إنما ورد في الطيور ويمكن الحكم بذلك في الفأرة أيضاً ، نظراً إلى قضاء العادة بنجاستها ولو من جهة بولها وبعرها الموجبين لنجاسة محلّهما ، ومعه حكم عليه‌السلام بطهارة الماء الذي وقعت فيه الفأرة إذا خرجت منه حيّة (١) وأما غير الفأرة فإن قطعنا بعدم الفرق بينها وبين سائر الحيوانات فهو ، وإلاّ فيقتصر في الحكم بالطهارة وانقطاع استصحاب النجاسة بمورد النص والفأرة فحسب.

(١) وقع الكلام في أن بواطن الإنسان هل تتنجس بملاقاة النجاسة وتطهر بزوال العين عنها أو أنها لا تقبل النجاسة أصلاً؟ وما يمكن أن يقال في المقام إن البواطن على قسمين : ما دون الحلق وما فوقه.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٢٤٠ / أبواب الأسآر ب ٩ ح ٤.

۵۰۹