لا مع العلم بالمخالفة (*) (١).


مضافاً إلى السيرة القطعية الجارية في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قبول إسلام الكفرة بمجرد إظهارهم للشهادتين مع القطع بعدم كونهم معتقدين بالإسلام حقيقة ، لأن من البعيد جدّاً لو لم يكن مستحيلاً عادة أن يحصل اليقين القلبي للكفرة بمجرّد مشاهدتهم غلبة الإسلام وتقدمه إلاّ في مثل عقيل على ما حكي.

فتلخص أن الإسلام لا يعتبر فيه سوى إظهار الشهادتين ، ولا بأس بتسميته بالايمان بالمعنى الأعم ، وتسمية الإيمان في لسان الكتاب بالايمان بالمعنى الأخص وتسمية الايمان في لسان الأخبار بالإيمان أخص الخاص. هذا كله إذا لم يعلم مخالفة ما أظهره لما أضمره ، وأما إذا علمنا ذلك وأن ما يظهره خلاف ما يعتقده فيأتي عليه الكلام في التعليقة الآتية.

(١) بأن علمنا بقاءه على كفره ، وإنما يظهر الشهادتين لجلب نفع أو دفع ضرر دنيوي فهل يحكم بإسلامه؟ ظاهر المتن عدم كفاية الإظهار حينئذ ، ولكنّا في التعليقة لم نستبعد الكفاية حتى مع العلم بالمخالفة ، فيما إذا كان مظهر الشهادتين جارياً على طبق الإسلام ولم يظهر اعتقاده الخلاف. وتوضيح ذلك : أن إظهار الشهادتين قد يقترن بإظهار الشك والتردد أو بإظهار العلم بخلافهما ، وعدم كفاية الإظهار حينئذ مما لا إشكال فيه ، لأنه ليس إظهاراً للشهادتين وإنما هو إظهار للتردد فيهما أو العلم بخلافهما ، وقد لا يقترن بشي‌ء منهما وهذا هو الذي لم نستبعد كفايته في الحكم بإسلام مظهر الشهادتين.

ويدلُّ على ذلك إطلاقات الأخبار الدالّة على أن إظهار الشهادتين هو الذي تحقن به الدماء وعليه تجري المواريث ويجوز النكاح (٢) والسيرة القطعية الجارية على الحكم بإسلام المظهر لهما ولو مع العلم بالخلاف ، لمعاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع‌

__________________

(*) لا تبعد الكفاية معه أيضاً إذا كان المظهر للشهادتين جارياً على طبق الإسلام.

(١) كما تقدّم في ص ٢٠٦.

۵۰۹