وثانيهما : ما ذكره المحقِّق الهمداني قدس‌سره (١) وتوضيحه : أن مقتضى الارتكاز عدم الفرق في مطهرية الأرض بين النجاسة الحاصلة من الأرض وبين الحاصلة من غيرها ، إذ لا يتبادر من الأخبار سوى أن المسح أو المشي مطهّر للرجل أو الخف من النجاسة ، من غير أن تكون لكيفية وصولها إلى الرجل مدخلية في الحكم. ومن هنا لا يتوهم أحد فرقاً بين أن تكون العذرة التي يطأها برجله مطروحة على الأرض أو على الفراش ، وبهذا الارتكاز العرفي نتعدى عن مورد الروايات إلى مطلق النجاسة سواء حصلت بالمشي على الأرض أو بغيره ، هذا.

ولا يخفى أن الارتكاز العرفي وإن كان يقتضي عدم الفرق بين كون العذرة مطروحة على الأرض أو على الفراش ، إلاّ أن الكلام في المقام غير راجع إلى النجاسة المستندة إلى المشي وإن لم تكن ناشئة من الأرض ، وذلك إذ قد لا تصل النعل أو الرجل إلى الأرض أصلاً لحيلولة العذرة أو غيرها من النجاسات بينهما كما أُشير إليه في صحيحة زرارة حيث قال : « فساخت رجله فيها » (٢) أو لكون العذرة الموطوءة مطروحة على خرقة أو خشبة أو غيرهما من الأشياء الموجودة في الطريق ، فلا يعتبر أن تكون النجاسة ناشئة من الأرض وإنما يعتبر استناد النجاسة إلى المشي ، سواء أكانت العذرة واقعة على الأرض أم على الفراش فما أفاده قدس‌سره خارج عن محل الكلام.

وإنما كلامنا فيما إذا استندت النجاسة إلى الخارج وغير المشي كما في المثال المتقدم حيث إن تنجس الأصابع بالدم حينئذ غير مستند إلى المشي ، وفي مثله إن أقمنا دليلاً قطعياً على عدم الفرق بين النجاسة الحاصلة بالمشي والنجاسة الحاصلة بغيره فهو وإلاّ فلا بد من الاقتصار على القدر المتيقن وهو النجاسة الحاصلة بالمشي ، وفي المقدار الزائد يرجع إلى العموم أو الإطلاق وهما يقتضيان إناطة تطهير المتنجِّس بالغسل بالماء. ولا سبيل لنا إلى مناطات الأحكام الشرعية وملاكاتها ونحتمل وجداناً أن تكون لكيفية وصول النجاسة بالمشي مدخلية في الحكم. ويشهد على ذلك ملاحظة‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٦٤٣ السطر ٤.

(٢) المتقدِّمة في ص ٩٩.

۵۰۹