كما لا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى أن صفاته الثبوتية زائدة على ذاته فقال بتعدد القدماء ووجود الشركاء لواجب الوجود ، أو قال بتركيبه تعالى عن ذلك ، قال مولانا أمير المؤمنين وسيد الموحدين عليهالسلام : «وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله ...» نهج البلاغة ، الخطبة الاولى (٧).
لا يشذ عنه كمال من الكمالات ، فهو محض الكمال وعينه وصرف الكمال ولا سبيل للعدم إلى ذاته.
ولا ينافى ما ذكر ، حمل الصفات السلبية عليه تعالى ككونه ليس بجسم ؛ لما مر من أنها ترجع إلى سلب السلب ، وهو إيجاب الكمال ، إذ لا سبيل للسلب المحض ومفهوم العدم المطلق إلى ساحة قدسه ، فالسلب لا بد أن يكون إضافيا ، ومرجع السلب الإضافي إلى نفي النقائص ، والنقائص هي أمور وجودية مشوبة بحدود عدمية ، وسلب الحدود العدمية يرجع إلى إثبات الاطلاق الوجودي ، وهو عين الكمال ومحضه. وبقية الكلام في محله (١).
(٧) لقد أجاد في توضيح فقرات الخطبة ابن ميثم البحراني حيث قال : أما قوله : «لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف» وبالعكس فهو توطئة الاستدلال ببيان المغايرة بين الصفة والموصوف ، والمراد بالشهادة هاهنا شهادة الحال ، فإن حال الصفة تشهد بحاجتها إلى الموصوف وعدم قيامها بدونه ، وحال الموصوف تشهد بالاستغناء عن الصفة والقيام بالذات بدونها ، فلا تكون الصفة
__________________
(١) راجع النهاية : ص ٢٤٣ ـ ٢٤٤ وتعليقتها : ص ٤٣٨.