لزم الخلف في وجوب وجوده ، فالواجب مقتض لسلب الإمكان عنه وهذا السلب التوحيد مساوق لجميع سلوب النقائص عنه ، لأن كل نقص من ناحية الإمكان لا الوجوب ، فإذا لم يكن للإمكان فيه تعالى سبيل في أي جهة من الجهات فكل نقص مسلوب عنه تعالى بسلب الإمكان عنه ، فكماله الوجودي الذي لا يكون له نهاية وحد يصحح سلب جميع النقائص عنه تعالى (١).
ثم إن سلب الجسمية والصورة والحركة والسكون والثقل والخفة ونحوها بسلب الإمكان عنه واضح. لأن هذه المذكورات من خواص التركيب وعوارضه ، إذ المادة والصورة والجنس والفصل لا تكون بدون التركيب ، كما أن الحركة والسكون والثقل والخفة من أحوال المحدود والجسم وعوارضه ، وحيث عرفت أن الواجب تعالى غير محدود بقيد وحد وشيء من الأشياء ، وغير محتاج إلى شيء ، بل هو صرف الوجود والكمال والغنى ، فلا يكون مركبا من الأجزاء الخارجية المعبر عنها بالمادة والصورة ، ولا من الأجزاء الذهنية المعبر عنها بالجنس والفصل ، وإلّا لزم الخلف في صرفيته ووجوبه ، ولزم الحاجة إلى الأجزاء ، ولزم توقف الواجب في وجوده على أجزائه ضرورة تقدم الجزء على الكل في الوجود ، وهو مع وجوب وجوده وضرورته له محال.
فهذه الصفات امور لا تمكن إلّا في المهيات الممكنة فإذا سلب الإمكان عنه تعالى سلبت هذه الصفات عنه تعالى بالضرورة ، إما لأن هذه الامور من لوازم بعض أصناف المهيات الممكنة بداهة انتفاء الأخص بانتفاء الأعم ، أو لأن كل نقص من النقائص المذكورة عين المهيات الإمكانية ، فطبيعي الممكن متحد مع هذه النقائص فإذا تعلق السلب به كان معناه سلب جميع أفراده ومنها هذه النواقص لا أنها منتفية بالملازمة كما أشار إليه المصنف بالإضراب حيث
__________________
(١) راجع الاسفار : ج ٦ ص ١٢٢.