رُسُلاً (١) ، وهكذا كل سبب آخر فالأمر أمره والفعل فعله وليس له معادل يعادله ، بل كل منه وبه في وجوده وفاعليته ، ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

ثم إذا عرفت أن الفاعلية بتقدير منه ومنتهية إليه تعالى فلا مجال لتقسيم الأشياء إلى الشرور والخيرات وإسناد الاولى إلى غيره تعالى ، بل كل شيء من الموجودات داخل في النظام الأحسن الذي يقوم به تعالى ، والنظام الأحسن بجملته نظام يكون صدوره أرجح من تركه ، فلذا يصدر من الحكيم المتعالي.

ثم إن للشرك في الفاعلية مراتب بعضها يوجب خروج المعتقد به عن حوزة الإسلام وزمرة أهل التوحيد ، كمن اعتقد بأن للعالم مؤثرين ، النور وهو أزلي فاعل الخير ويسمى «يزدان» والظلمة وهي حادثة فاعلة للشر وتسمى «أهريمن» كما نسب إلى المجوس (٢). وهذا من أنواع الشرك الجلي فإن المعتقد المذكور يعتقد استقلال الظلمة في الفاعلية ، والاستقلال في التأثير والفاعلية شرك.

وبعضها الآخر لا يوجب خروج المعتقد به عن زمرة أهل التوحيد كمن اعتقد بتأثير بعض الامور كالمال والولد وغيرهما من دون توجه إلى أن مقتضى الإيمان بتوحيده تعالى في الأفعال هو أنه لا تأثير لشيء إلّا بإذنه تعالى ، وهذا من أنواع الشرك الخفي ، والمعتقد به لا يعلم أنه ينافي التوحيد الأفعالي ، وهو أمر يبتلى به أكثر المؤمنين كما أشار إليه في كتابه الكريم بقوله : ﴿وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (٣) أعاذنا الله تعالى من ذلك كله (٤).

__________________

(١) فاطر : ١.

(٢) راجع اللوامع الالهية : ص ٢٤١.

(٣) يوسف : ١٠٦.

(٤) راجع جهان بينى : ج ٢ ص ٩٢ ، للاستاذ الشهيد المطهري قدس‌سره.

۳۲۰۱